Page 295 - merit 43- july 2022
P. 295

‫‪293‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫شخصيات‬

‫أنه لو لم يحصل عليها كان سيجد‬            ‫الأولى إلى الصعيد على ظهر مركب‬         ‫تشريح الجسم البشري وأي ًضا‬
‫طريقة أخرى للسفر ودراسة الفن‬               ‫شراعي فاندمج أكثر وأكثر مع‬         ‫على تشريح البشر‪ ،‬فوطد صداقته‬

    ‫في الخارج‪ ،‬فرغبته كانت وما‬           ‫طوائف جديدة من الناس‪ ،‬والأكثر‬          ‫مع العاملين والعاملات في مهنة‬
 ‫زالت عارمة للاكتشاف والمعرفة‬            ‫مع الطبيعة الغروب والشروق في‬           ‫الموديل‪ ،‬كان يقضي مد ًدا طويلة‬
                                          ‫أماكن مختلفة ومن زوايا مختلفة‬
    ‫والتجربة والتعرف على أناس‬                                                     ‫في المرسم رغم أنه كان يعمل‬
                          ‫جدد‪.‬‬                 ‫انعكاس الضوء على النبات‪،‬‬        ‫لإعالة نفسه والصرف على الكلية‬
                                           ‫جماليات المشهد‪ ،‬حركة الرياح‪،‬‬
   ‫عندما ذهب إلى إسبانيا كان قد‬             ‫التوحد مع عمق المنظر المتشح‬           ‫أي ًضا‪ ،‬لكنه وجد فرصة هائلة‬
 ‫أقام معرضه الأول ووضع قدمه‬                                                   ‫للانضمام للحياة الطلابية في ذلك‬
  ‫على أول السلم‪ ،‬ومع ذلك خاطر‬                 ‫بالسكون‪ ،‬عشرات بل مئات‬          ‫الوقت العاصف‪ ،‬أشرف على مجلة‬
                                          ‫الدرجات من الألوان التي تتدفق‬        ‫الكلية وشارك أصدقاءه الاهتمام‬
      ‫بكل هذا وسافر إلى إسبانيا‬                                               ‫بتعاليم الحكيم الهندي جوروبابا‪،‬‬
   ‫بعد تعمله لبعض الإسبانية بلا‬              ‫من السماء والرمال والأرض‬
 ‫موارد سوى حصيلة بيع لوحات‬                   ‫الطينية والخضار‪ ،‬النيل الذي‬         ‫تعرف على الجماعات اليسارية‬
                                            ‫سيظل ملاز ًما له حتى لحظتنا‬              ‫وكأغلب الشباب من ذوي‬
    ‫معرضه الأول‪ ،‬لم يكمل عبلة‬                ‫هذه‪ ،‬العلاقة بين النور والماء‬
  ‫طري ًقا مستقي ًما أو متوق ًعا يو ًما‪،‬‬  ‫والخصوبة واصفرار الرمال‪ ،‬هذا‬          ‫الأصول الريفية جذبته الحركات‬
                                            ‫الشلال اللوني الهائل استوطن‬        ‫الإسلامية فانضم إليها مصطد ًما‬
     ‫دائ ًما ما كان يعشق الخطوط‬            ‫وجدانه الباحث دائ ًما عن الملاذ‪،‬‬   ‫بكيان سلطوي يضع قواعد للحياة‬
 ‫المنحنية والانعطافات‪ ،‬في إسبانيا‬         ‫عن موطن يعود إليه بعد رحلات‬           ‫الحلال والحرام على الأخص في‬

      ‫كسب رزقه عن طريق قص‬                                ‫البحث والحراك‪.‬‬          ‫الفن والتعاملات اليومية ما لم‬
‫أشكال الوجوه وتشكيلها بالمقص‬                ‫بعد تخرج عبلة وحصوله على‬               ‫يتواءم مع إيمانه الفطري ذو‬
                                           ‫فرصة وظيفة ثابته ومريحة في‬         ‫الحس الروحاني‪ ،‬كما لم يتفق مع‬
     ‫والصمغ على الأرصفه وأمام‬            ‫القاهرة في مصلحة الدمغة كان قد‬       ‫رغبته القاهرة في الإبداع والحكي‬
  ‫قاعات عرض السينما‪ ،‬فيما بعد‬              ‫أنهى الخدمة العسكرية وبدأ في‬          ‫والرسم‪ ،‬القواعد الوحيدة التي‬
                                         ‫التردد على أتيليه القاهرة‪ ،‬وحصل‬      ‫من الممكن أن يلتزم بها هي قواعد‬
      ‫سيصبح للسيلويت والقص‬                 ‫على مرسم المسافرخانة ليصبح‬            ‫الفن‪ ،‬حتى هذه يتمرد عليها في‬
 ‫واللصق بالكولاج بعد تطويرهما‬                ‫معرو ًفا إلى ح ٍّد ما في الحركة‬     ‫حدود ويتمتع بكسرها أحيا ًنا‪،‬‬
‫شأن كبير في مسيرته الفنية‪ ،‬لكن‬                ‫الثقافية في القاهرة‪ ،‬وكعادته‬     ‫لذلك كان من الطبيعي أن لا تؤثر‬
‫إسبانيا لم تشبع تعطش عبلة للفن‬              ‫يكون العديد من الأصدقاء من‬           ‫تجربته هذه في مشواره الفني‪،‬‬
‫حين اكتشف أن المنحة ليست على‬                  ‫مختلف المشارب من المثقفين‬       ‫فانحيازاته للناس وللأرض أقوى‬
  ‫المستوى المأمول‪ ،‬فتركها متج ًها‬            ‫وغيرهم‪ ،‬لم يعد راضيًا‪ ،‬أراد‬         ‫من أي تنظيم‪ ،‬على الأخص أنه‬
‫إلى النمسا وبعدها ألمانيا التي حاز‬          ‫مساحة أكبر يتنفس فيها الفن‪،‬‬       ‫لطالما كان راف ًضا لأن يكون بيد ًقا‬
‫ميداليتها‪ ،‬في ألمانيا وجد ضالته في‬            ‫أن يعرف أكثر ويدهش أكثر‬
‫المعرفة وفي الفن وأي ًضا في الناس‪،‬‬         ‫ويندهش أكثر وأكثر‪ ،‬لذلك كان‬                          ‫في أي معركة‪.‬‬
‫يبدو أحيا ًنا أن ارتباط عبلة بألمانيا‬         ‫من المنطقي أن تكون خطوته‬         ‫سنوات الدراسة إضافة لإفادتها‬
                                            ‫التالية هي السفر خارج حدود‬
   ‫يفوق كثي ًرا ارتباطه بسويسرا‬            ‫الوطن للعالم الرحب‪ ،‬يرى عبلة‬              ‫التقنية علمته أهمية المعرفة‬
 ‫بلد عائلته‪ ،‬تفاعله أكثر واندماجه‬         ‫أن منحة المركز الثقافي الإسباني‬          ‫والقراءة في كل مناحي العلم‬
 ‫أكبر حيث امتلك في ألمانيا مرس ًما‬        ‫للدراسة التي حصل عليها كانت‬              ‫وق َّوت علاقته بالاستكشاف‪،‬‬
                                         ‫بمثابة الهبة السماوية‪ ،‬أغلب الظن‬      ‫أعطته الكثير من المعارف وأي ًضا‬
   ‫لـ‪ 38‬عا ًما‪ ،‬طاف المدارس بعد‬                                                  ‫الكثير من الأصدقاء في الحركة‬
   ‫‪ 11‬سبتمبر في مبادرة لتعريف‬                                                  ‫الثقافية رافقوه في مشواره حتى‬
    ‫الأطفال بحقيقة العرب وأنهم‬                                                  ‫اليوم‪ ،‬وفي نهايتها وقام برحلته‬
 ‫ليسوا إرهابيين‪ ،‬خلال هذا المدى‬
  ‫الزمني درس النحت والتصوير‬

      ‫والعلاج بالفن في سويسرا‪،‬‬
   290   291   292   293   294   295   296   297   298   299   300