Page 296 - merit 43- july 2022
P. 296

‫دفعه للارتباط أكثر‬                                          ‫العـدد ‪43‬‬                          ‫‪294‬‬
   ‫بالناس للتعرف‬
   ‫أكثر على قسوة‬                                                           ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬                    ‫ومارس مهنة‬
    ‫المدينة وحنوها‬                                                                                        ‫العلاج بالفن‪،‬‬
   ‫في الوقت نفسه‪،‬‬                     ‫الأمين الحافظ لإبداعه‪ ،‬في تلك‬                                    ‫أي ًضا تعرف على‬
    ‫هذه المرة وجد‬                   ‫الفتره أي ًضا أعطته أوروبا كثي ًرا‬                                ‫المدارس ومذاهب‬
  ‫ملاذه في الحلول‬                   ‫من الإجابات على أسئلته‪ ،‬وكثي ًرا‬                                    ‫الفن الأوروبية‬
                                   ‫من التساؤلات لكي يجاوب عليها‪،‬‬                                          ‫عن قرب كما‬
 ‫في الناس والأبنية‬                   ‫أعطته أي ًضا زوجته التي دعمته‬                                      ‫مارس تدريس‬
 ‫والنهر الذي لطالما‬                                                                                        ‫الفن أحيا ًنا‪.‬‬
‫كان موق ًعا سحر ًّيا‬                   ‫كثي ًرا في مشواره‪ ،‬وكان أول‬                                         ‫على مستوى‬
 ‫بالنسبة له‪ ،‬الناس‬                 ‫قرار دعمته فيه قراره بالإقامة في‬                                       ‫الإبداع واجه‬
 ‫ممسوحي الوجوه‬                      ‫مصر مرة أخرى بعد ميلاد ابنه‬                                           ‫عنصرية من‬
  ‫الذين يبدون من‬                                                                                          ‫نوع مختلف‪،‬‬
 ‫أعلى كشلال هادر‬                                          ‫إبراهيم‪.‬‬                                      ‫هو فنان عربي‬
 ‫من النقاط الملونة‪،‬‬                   ‫أتى حريق مرسم المسافرخانة‬
                                     ‫العام ‪ 1998‬وفيه أغلب لوحات‬                                             ‫المتوقع منه‬
    ‫تبتلعهم المدينة‬                   ‫عبله التي رسمها عبر السنين‬                                            ‫بل المطلوب‬
   ‫أحيا ًنا وتلفظهم‬                  ‫بمثابة الزلزال الذي حطم فكرة‬                                        ‫منه أن يرسم‬
                                      ‫المكان كملاذ آمن‪ ،‬بعد الحريق‬                                       ‫سحر الشرق‪:‬‬
     ‫أحيا ًنا أخرى‪،‬‬                  ‫اجتاحه شعور رهيب بالعدمية‪،‬‬                                        ‫النخيل وال ِجمال‬
‫بأبنيتهم العشوائية‬                     ‫انطلق في الشوارع والطرقات‬                                        ‫والصحراء‪ ،‬أن‬
‫وزحامهم على لقمة‬                   ‫وأزقة المدينة يبحث عن الملاذ‪ ،‬عن‬                                       ‫يلبي المفهوم‬
‫العيش‪ ،‬ضجيجهم‪،‬‬                     ‫السند‪ ،‬كان حريق المسافرخانة ما‬                                         ‫الاستشرقي‪،‬‬
                                                                                                             ‫أن يواكب‬
    ‫صراخهم‪ ،‬ألمهم‪،‬‬                                                                      ‫الانطباعات ويلبي التوقعات‪ ،‬هو‬
 ‫ورغم كل ذلك احتضانهم للحياة‬                                                                ‫بتمرده المميز رفض ذلك كما‬
                                                                                          ‫رفض تقليد ومحاكاة الموجود‪،‬‬
    ‫رغم آلاف السنين من المعاناة‬                                                           ‫فهو بذلك يتخلى عن شغفه عن‬
  ‫التي تشهد عليها حجارة الأبنية‬                                                        ‫رغبته وسعيه الدائم ليكون ممي ًزا‪،‬‬
                                                                                        ‫هنا كان لا بد له من تطوير لغته‬
      ‫وأرصفة الطرقات‪ ،‬من هذا‬                                                              ‫وأدواته الفنية حتى لا تنفصل‬
   ‫الجمال رغم القبح‪ ،‬الحياة رغم‬                                                            ‫عن جذورها وفي نفس الوقت‬
    ‫الموت‪ ،‬صنع عبلة من القاهرة‬                                                          ‫تحمل روح العصر‪ ،‬كان لا بد له‬
                                                                                        ‫من البحث عن نقطة للعبور يبني‬
      ‫أسطورة في لوحاته تجدها‬                                                             ‫عليها رأس الجسر الذي سيعبر‬
 ‫بليلها ونهارها‪ ،‬بنيلها ومراكبها‪،‬‬                                                         ‫به إلى المتلقي الأجنبي دون أن‬
                                                                                            ‫يفقد جمهوره الأصلي‪ ،‬وسط‬
      ‫بيوتها وعشوائيتها‪ ،‬أمواج‬                                                             ‫هذا البحث الدؤوب كان يأتي‬
    ‫طوفان البشرية القاطنه فيها‪،‬‬                                                         ‫إلى مصر أكثر من ست مرات في‬
    ‫أطفال جزيرة القرصاية التي‬                                                           ‫العام الواحد لمرسم المسافرخانة‬
 ‫اختارها ليبني مرسمه إلى جوار‬                                                          ‫الذي اعتبره ملاذه كعادته والمكان‬
 ‫الناس‪ ،‬صورهم وهم يستحمون‬
     ‫ويحممون الحيوانات‪ ،‬أي ًضا‬
   ‫العساكر وسط الطرقات‪ ،‬أبناء‬
‫عائلات الطبقة المتوسطة وأهاليهم‬
‫في أوضاع تشبه تلك الصور التي‬
   291   292   293   294   295   296   297   298   299   300   301