Page 297 - merit 43- july 2022
P. 297

‫‪295‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫شخصيات‬

   ‫في الأولى على البحيرة «بحيرة‬        ‫صفحة النهر وجدران الشوارع‬           ‫كانت تعلق في الصالونات لكن‬
  ‫قارون»‪ ،‬المرسم والمتحف وبيته‬        ‫وأركان الأزقة‪ ،‬حتى وهو يرسم‬          ‫خلفيتها أماكن غريبة ككوبري‬
   ‫الذي شارك ببنائهم بيديه بكل‬                                             ‫قصر النيل‪ ،‬لوحاته عن العائلة‬
  ‫صبر ودأب‪ ،‬وأسس فيه متح ًفا‬               ‫في لوحاته تلك الأفعوانيات‬      ‫تشعرك بنعومة ملمس الكستور‬
                                       ‫البشعة التي تكاد تفتك بالمدينة‬   ‫وقماش زفير النهضة‪ ،‬رائحة زيت‬
       ‫للكاريكاتير وليس لأعماله‬          ‫وتمزق أوصالها‪ ،‬فإنك تشعر‬        ‫ماكينة الخياطة وضجيجها بينما‬
  ‫الشخصية ليستمتع الناس بفن‬           ‫بأنه يستغيث لإنقاذ هذا الجمال‬         ‫يتحلق الأطفال حولها انتظا ًرا‬
                                       ‫من منطلق حكاياته ورؤيته هو‪،‬‬         ‫لثياب العيد هي بهذا القدر من‬
      ‫يراه مهضوم الحق‪ ،‬الفيوم‬        ‫في أعماله عن القاهرة يبدو وكأنه‬        ‫الحميمية‪ ،‬ثم تأتي قصاصات‬
  ‫شكلت له مكا ًنا يشبه الكبسولة‬       ‫يفرز عرق هذه المدينة من ألوان‬       ‫الصحف وسط شخوص طائرة‪،‬‬
  ‫الزمنية‪ ،‬إذا كنت قد زرت قرية‬                                             ‫حيوانات وكلاب وقطط‪ ،‬كل ما‬
 ‫تونس يو ًما ستشعر بأنها تشبه‬                  ‫لوحاته بل من مسامه‪.‬‬
                                        ‫خمس مراسم وزع عليها عبلة‬             ‫يمكن أن يخطر على البال في‬
    ‫أرياف مصر في السبعينيات‪،‬‬           ‫أعماله‪ ،‬كنزه الثمين الذي كرس‬       ‫هارمونية عجيبة مليئة بالغرابة‬
    ‫طبيعة صريحة أناس طيبون‬            ‫عمره لإنجازه‪ ،‬ولكن ظل الحلول‬         ‫والبهجة بعي ًدا عن الاستشراق‬
      ‫طرقات ملتوية ضيقة ألوان‬          ‫في المدينة والناس أأمن ملاذ له‪،‬‬
     ‫في كل مكان وأصوات طيور‬          ‫هو يدافع عن جمالها واستحقاقها‬              ‫وأي ًضا بعي ًدا عن الواقعية‬
  ‫وكلاب وعصافير وقطط‪ ،‬أشياء‬                                              ‫التسجيلية‪ ،‬لو نظرت إلى القاهرة‬
   ‫طمرت في قرى مصر الأخرى‬                   ‫كما يدافع عن ناسها بفنه‬      ‫من أعلى الكباري والأبراج أو من‬
   ‫بفعل المنازل الإسمنتية وتبوير‬     ‫وبحكاياته فيها وجوده وماهيته‪.‬‬      ‫أسفل المباني والعشوائيات ستجد‬
  ‫الأراضي ورش المبيدات‪ ،‬الثانية‬                                          ‫ظل لوحات محمد عبلة الصاخبة‬
  ‫القرصاية بمركب صغير تهجر‬                  ‫بالتأكيد في جبل الخبرات‬       ‫بألوانها وعناصرها‪ ،‬كأنه عندما‬
‫أضواء المدينة المتوحشة المستهلكة‬      ‫والمعارف والأماكن المكون لعبلة؛‬
                                      ‫لقرية تونس في الفيوم ولجزيرة‬            ‫يكتب اسمه فإنه يكتبه على‬
      ‫المستنزفة لعالم آخر هادئ‬       ‫القرصاية في النيل نصيب‪ ،‬ملاذه‬
   ‫وناعم تختلط فيه رائحة التبن‬
 ‫بطمي النهر ويبدو بعي ًدا ج ًّدا عن‬
‫الصراع ولكن تصل أصداؤه عبر‬
 ‫الكثير ج ًّدا من المخلفات والقذارة‬
  ‫التي تلوث مجرى النهر‪ ،‬والتي‬
‫جمعها عبلة يو ًما ليصنع بها عم ًل‬
  ‫فنيًّا حصل به على جائزة بينالي‬
   ‫إسكندرية ‪ ،1997‬حتى قبل أن‬
 ‫يسكن القرصاية‪ ،‬المكانان تونس‬
 ‫والقرصاية يوطدان علاقته بالماء‬
‫وبالماضي‪ ،‬والأهم بالناس قريبي‬
 ‫الشبه منه‪ ،‬وبالطبيعة البكر التي‬

     ‫تغذي وجدانه‪ ،‬هو ناشط في‬
‫قضايا المجتمع المحلي في المنطقتين‬
‫واستخدم شهرته كفنان وكعضو‬
 ‫في أول لجنة لكتابة الدستور بعد‬

    ‫الثورة في طرح قضية سكان‬
  ‫القرصاية المهددين بالإجلاء عن‬
   292   293   294   295   296   297   298   299   300   301   302