Page 293 - merit 43- july 2022
P. 293

‫‪291‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫شخصيات‬

 ‫في غرفة الرسم والأعجوبة التي‬         ‫أمه أي ًضا تعلم الكثير عن عوالم‬     ‫والرائحة الخانقة «وليه لأ ما هو‬
  ‫يرونها للزوار بعدما تغسل أمه‬           ‫احترام المرأة‪ ،‬احترام الكفاح‬                   ‫آكل قلب ديب؟!»‪.‬‬

     ‫ثيابه وتقص أظافره وتحلق‬        ‫واحترام الناس‪ ،‬هي كانت ملجأه‬           ‫هذه الجدة الساحرة بتصرفاتها‬
‫شعره ليرسم على التخته ويصفق‬                ‫بعد احتراق المسافرخانة‪.‬‬        ‫الغريبة وطرافتها الساحرة كانت‬
 ‫له الغرباء ثم تعطيه الأبلة الهدية‬         ‫بعي ًدا عن المنزل خلق عبلة‬
                                              ‫نجوميته المبكرة وميله‬         ‫بوابة عبلة لعالم يهرب فيه من‬
    ‫مولد النجم‪ ..‬وما أشبه اليوم‬                                          ‫جدب الواقع وضيقه ليخرج لعالم‬
  ‫بالأمس عندما يمنح الوسام في‬         ‫للاستعراض في المدرسه‪ ،‬حيث‬
‫فايمار ويصفق له المئات في أنحاء‬       ‫لم يكن محمد مجرد ابن وسط‬                ‫أوسع وأرحب يليق بمخيلته‬
                                        ‫إخوة أو طف ًل عاد ًّيا‪ ،‬المدرسة‬  ‫المتقدة ويشبع بها رغبته في بطولة‬
                         ‫العالم‪.‬‬    ‫كانت قناة اتصاله بالفن وبالعالم‪،‬‬
   ‫في المدرسة تعلم أسس الرسم‬         ‫كان الفنان الذي يستقبل الأولاد‬          ‫حكاية عظيمة كالحكايات التي‬
  ‫وأعطي كل الفرص لكي يحكي‪،‬‬                                                  ‫يقرأها والأفلام التي يشاهدها‪،‬‬
                                                                          ‫شيئًا فشيئًا تعلم أن يضع نفسه‬
                                                                            ‫في جوهر الحكاية‪ ،‬كانت رمانة‬
                                                                            ‫الميزان في حياة عبلة ‪-‬ليس في‬
                                                                          ‫طفولته فقط بل ربما حتى يومنا‬

                                                                               ‫هذا‪ -‬أمه‪ ،‬هذه السيدة التي‬
                                                                             ‫حصلت على قسط معقول من‬
                                                                         ‫التعليم‪ ،‬قليلة الكلام على حد قوله‬
                                                                            ‫والمهمومة دائ ًما بأمور عائلتها‪،‬‬
                                                                           ‫كان لها أكبر الأثر على مسيرته‬
                                                                           ‫من اليوم الذي تجاوزت فيه عن‬
                                                                            ‫رسمه على طرف جلبابه بالقلم‬
                                                                               ‫الجاف‪ ،‬وحتى كل مرة كان‬
                                                                            ‫يعود إليها حائ ًرا فيجدها تقول‬
                                                                           ‫له الحل السحري‪ ،‬عندما تسأل‬
                                                                         ‫عبلة لماذا لم يكن كبقية زملائه في‬
                                                                            ‫الجامعة يلهو وينشئ علاقات؟‬
                                                                          ‫سيجيبك ببساطة لسببين‪ :‬الأول‬
                                                                               ‫كنت مشغو ًل لأني باصرف‬
                                                                             ‫على نفسي‪ ،‬والثاني أمي قالت‬
                                                                              ‫لي «إعمل كل إللي إنت عايزه‬
                                                                               ‫يا ابني بس ماتفضحنيش»‪،‬‬
                                                                              ‫وإن سألته يو ًما عن علاقاته‬
                                                                             ‫في العمل وأخلاقه الريفية ج ًّدا‬
                                                                           ‫وحفاظه على التقاليد رغم طبيعة‬

                                                                                ‫أسرته السويسرية وبقائه‬
                                                                             ‫لمدة طويلة في أوروبا ستسمع‬
                                                                           ‫«الأصول‪ ..‬أصول»‪ ،‬وأمي قالت‬
                                                                          ‫لي «إللي ماترضاهوش على نفسك‬
                                                                             ‫ماترضاهوش على غيرك»‪ ،‬مع‬
   288   289   290   291   292   293   294   295   296   297   298