Page 117 - merit 42 jun 2022
P. 117

‫‪115‬‬               ‫تجديد الخطاب‬

‫محمد حسين الذهبي‬  ‫عدنان إبراهيم‬                 ‫د‪.‬أحمد صبحي منصور‬      ‫نفسه بما ألزم به الآخرين‪ ،‬حيث‬
                                                                        ‫إن ثبوت سماعه من شخص ما‬
 ‫متحققة سوى في عدد بسيط ج ًّدا‬       ‫في العصر الحديث ظهرت كتب‬         ‫ليس دلي ًل له في الاحتجاج‪ ،‬فحين‬
‫من كتب التفسير‪ ،‬معظمها حرقت‬         ‫فضحت الموضوع والمكذوب من‬          ‫ينكر خصمه ذلك الثبوت لا سبيل‬

    ‫في العصر العباسي‪ ،‬وما فلت‬          ‫كتب التفاسير والملاحم هذه‪،‬‬         ‫لإثباته أص ًل سوى بادعاءات‬
 ‫من الحرق في العصرين المملوكي‬         ‫منها الإسرائيليات في التفسير‬     ‫مرسلة‪ ،‬وبذلك فيكون رفض ابن‬
 ‫والعثماني تم حظره من التداول‬       ‫والحديث للدكتور محمد حسين‬         ‫حنبل لكتب التفسير كونها مرسلة‬
  ‫ككتاب «متشابه القرآن» للإمام‬         ‫الذهبي‪ ،‬الإسرائيليات وأثرها‬
                                    ‫في كتب التفسير للدكتور رمزي‬          ‫يساوي رفض الآخرين لمذهبه‬
       ‫المعتزلي أبو بكر الطرثيثي‪.‬‬  ‫نعناعة‪ ،‬والإسرائيليات في تفسير‬                 ‫أي ًضا لكونه مرس ًل‪.‬‬
      ‫وهذا الظلم الذي تعرض له‬         ‫الطبري للدكتورة آمال ربيع‪..‬‬
   ‫المفسرون العقلانيون أو الذين‬     ‫وغيرهم‪ ،‬وسبق في مقالي «رحلة‬          ‫وهذه أكبر نقطة ضعف على ما‬
‫يعتمدون على القرآن في الفهم أدى‬                                          ‫يسمى «علم الحديث» بالمطلق‪،‬‬
    ‫لخروج تيار قرآني في العصر‬           ‫نقدية في تفاسير القرآن» في‬     ‫فهذا العلم قائم على ادعاء مرسل‬
 ‫الحديث يدعو لنبذ كل هذه الكتب‬        ‫شهر أكتوبر ‪ 2021‬القول بأن‬
   ‫والاعتماد على القرآن وحده في‬      ‫التفاسير القرآنية أنواع‪ ،‬أكثرها‬        ‫وهو كلمة «حدثنا وأخبرنا»‬
‫الفهم‪ ،‬مما يعني الخروج بمنهجية‬       ‫رداء ًة وضع ًفا منطقيًّا هي كتب‬  ‫والحقيقة الضمنية من تلك الكلمة‬
    ‫جديدة غير مسبوقة هي فهم‬          ‫«التفسير النصي»‪ ،‬وهي الغالبة‬      ‫أنها ليست دلي ًل بل ادعاء مرسل‬
   ‫القرآن من القرآن نفسه‪ ،‬وهذا‬
     ‫التيار ليس مؤسسه الأصلي‬            ‫على مذاهب المفسرين‪ ،‬بينما‬        ‫لو كان ُمل ِزما فلقائله فقط‪ ،‬أما‬
   ‫د‪.‬أحمد صبحي منصور‪ ،‬ولكن‬         ‫أكثرهم جودة علمية هي التفاسير‬          ‫الآخر فليس ُمل َز ًما إلا بالدليل‬
‫هو د‪.‬محمد توفيق صدقي الطبيب‬                                              ‫سواء العقلي والمنطقي والعلمي‬
  ‫المصري الذي عمل بسجن ُطرة‬             ‫العقلية واللغوية التي تلتزم‬      ‫أو الشهادة الحسية‪ ،‬بينما هذه‬
  ‫السابق وتوفى سنة ‪ ،1920‬عل ًما‬    ‫أصو ًل ومناهج بحثية معتبرة في‬           ‫الأمور غائبة كليًّا ع َّما يسمى‬
                                   ‫فهم النصوص بعيدة عن التقليد‪،‬‬           ‫«علم الحديث» الذي يقوم على‬
                                                                      ‫فكرة تقديم النقل على العقل‪ ،‬وعلى‬
                                       ‫لكن هذه الجودة للأسف غير‬            ‫اعتبار أن السماع الشخصي‬
                                                                          ‫يقوم بمقام الشهادة الحسية‪،‬‬
                                                                        ‫وهو تخريف واضح واستهبال‬
                                                                       ‫يقع فيه المحدثون الذين يزعمون‬
                                                                         ‫أن سماع ابن حنبل من شيخه‬
                                                                           ‫وثبوت اتصال السند لعصر‬
                                                                      ‫الرسول الذي يفصل بينهما ‪200‬‬
                                                                          ‫عام؛ يساوي سماع ابن حنبل‬
                                                                         ‫من الرسول نفسه‪ ،‬وهذا كذب‬
                                                                      ‫محض‪ ..‬لذلك فقد اتهم كثيون من‬
                                                                        ‫أهل الرأي والفلاسفة المحدثون‬
                                                                      ‫والرواة أنهم ك َّذابون وما يقومون‬
                                                                         ‫به من نشر للكذب لا يغني عن‬
                                                                        ‫العلم ولا يجعلهم يفهمون الدين‬

                                                                                     ‫بطريقة صحيحة‪.‬‬
                                                                         ‫وبعي ًدا عن محاكمة مذهب ابن‬
                                                                          ‫حنبل؛ فإن ما يؤيد كلامه أن‬
   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122