Page 122 - merit 42 jun 2022
P. 122
العـدد 42 120
يونيو ٢٠٢2
لمجاراة نمط من الحياة والتفكير لحساب الهوية العالمية. متوالية من الهجرة من وإلى
وضعه غيره كما شاء أن يفعل، ولتوضيح معنى الهوية العالمية داخل المجتمع المصري على مر
ولا حيلة له في ذلك ولا يد تدفع. فهي ببساطة شديدة أن تكون القرون ،فنشأت في نهاية الأمر
هوية مركبة تفردت بها مصر عن
لقد انفتحت مصر -طو ًعا الأفكار الاجتماعية والثقافية العديد من دول المنطقة وأممها.
وكر ًها -على العديد من الثقافات والدينية وغيرها من الأفكار على إنني لست من أنصار الرأي القائل
بأن مصر هي الحضارة وحدها
والأفكار ،بداية من عصر مستوى متقارب قد يرقى إلى وما عداها كهوف ومجاهل ،ربما
الفراعنة الذي لم يكن كله ازدها ًرا التماثل في مختلف بقاع الأرض، كان ذلك حقيقيًّا إلى حد ما منذ
آلاف السنين ،لكن الواقع يقول
وشمو ًخا ،بل سادته في بعض وذلك التقارب تحدده وتوجهه أي ًضا إن هناك العديد من دول
الأوقات حالات من الانهزام سياسات وقواعد توضع بعناية
ودقة بالغتين مدروستين ،ليجد العالم القديم كانت ذات ثراء
والضعف جعلته عرضة للغزو من المرء نفسه في نهاية الأمر مضط ًّرا وخصب حضاري واجتماعي في
الفرس والبدو واليونان والرومان الوقت نفسه ،ولكنني كمصري
يعنيني وطني في المقام الأول ،على
العالم أصبح قرية صغيرة الرغم من اعتقادي بأن المبادئ
سلسلة محلات ماكدونالدز عزت العالم المطبقة على مصر تطبق على العديد
من الأمم غيرها ،ولا يضيرني كما
لا يضير غيري أن يكون لكل منا
حضارته وهويته الخاصة به.
لكن تلك الهوية المتكونة على مر
آلاف السنوات والتي اشتركت
في تكوينها العديد والعديد من
الأفكار والتوجهات التي انصهرت
جميعها في البوتقة المصرية تعاني
اليوم حالة من انعدام الشكل
والتوجه الم َّطرد والذي لا أظنها قد
عانت مثله من قبل.
من المحتمل أن يقول قائل إن
الحالة التي نعيشها الآن قد تكون
هي الأخرى مرحلة من مراحل
التغيير الطبيعي ودورة هدم
وإعادة التكوين التي تعيشها
أي أمة من الأمم في كل عصر
من العصور ،لكنني أرى خلاف
ذلك بأن التغير المفرط في الهوية
المصرية هو نذير بأنها قد
أصبحت في مرحلة ما قبل التمزق
الذي يسبق الذوبان والانطماس