Page 124 - merit 42 jun 2022
P. 124

‫العـدد ‪42‬‬                         ‫‪122‬‬

                                     ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

     ‫والمظاهر الاجتماعية التي لا‬      ‫وتسويقيًّا‪ ،‬ومنهم من يستخدمها‬       ‫كان فائق السرعة‪ ،‬فلقد حدثت‬
     ‫تحتاج لتنفيذها إلى جهد ولا‬         ‫لنشر وترويج أفكاره ومبادئه‪،‬‬      ‫متغيرات خلال ربع قرن مضى‬
      ‫بحث‪ ،‬مع أنها رغم سهولة‬            ‫ومنهم من يبتز بها غيره‪ ..‬إلى‬
                                               ‫آخر ذلك من الأهداف‪.‬‬          ‫لم تحدث مثلها طوال قرنين‬
      ‫الأخذ بها تحمل في طياتها‬         ‫ومن أهم المظاهر التي صاحبت‬          ‫من الزمان‪ ،‬وأصبحت الثورة‬
 ‫الخطر الداهم الذي ينذر بذوبان‬                                             ‫المعلوماتية والاتصالية اللتين‬
 ‫الهوية المصرية تما ًما‪ ،‬ولا أعني‬    ‫ذلك الانفتاح العالمي بين الشعوب‪،‬‬       ‫كانتا وليدتين للعلم والتقنية‬
                                        ‫وشعب مصر لم ينج منها‪ ،‬هو‬       ‫كالسلاح الذي له حدان‪ ،‬ولا أعتقد‬
     ‫بالهوية المصرية هنا الهوية‬           ‫ورود أفكار ومباديء غريبة‬         ‫أن عاق ًل ما ينكر مدى التوغل‬
  ‫الدينية سواء كانت مسيحية أو‬            ‫تماما عن المجتمع المصري إلى‬    ‫الشديد الذي توغلته تلك الأدوات‬
   ‫إسلامية فقط‪ ،‬ولا أعني كذلك‬                                             ‫والوسائل في حياتنا‪ ،‬والغريب‬
‫افتخارنا الدائم بمراحل الحضارة‬        ‫عقر كل بيت‪ ،‬وليس كل ما يأتي‬         ‫أن قطا ًعا ليس بالضئيل منا قد‬
‫المصرية المتعاقبة بتنوعها‪ ،‬فمعنى‬       ‫من الغرب شر‪ ،‬فهذا قول ينافي‬        ‫رضي أن تستباح خصوصيته‬
 ‫الهوية يشمل ذلك كله‪ ،‬والذوبان‬       ‫الحقيقة والواقع‪ ،‬لكن الغريب أننا‬     ‫على الملأ (العالمي) بكل أريحية‪،‬‬
                                                                         ‫غير مبالين بوجود جيش كامل‬
    ‫الحضاري الذي أعنيه ينسف‬              ‫قد أخذنا مما يأتي من الغرب‬     ‫من منتظري تلقف تلك المعلومات‬
     ‫ذلك كله أي ًضا‪ ،‬فقد أصبحت‬             ‫ومن الشرق أي ًضا كل جيد‬        ‫الخاصة واستثمارها كما تملي‬
   ‫أفكار كالشذوذ الجنسي أو ما‬                                            ‫على كل منهم توجهاته ورغباته‪،‬‬
  ‫يسمى بالمثلية الجنسية ورفض‬           ‫ورديء وكأننا قد فقدنا قدرتنا‬     ‫فمن هؤلاء من يستثمرها تجار ًّيا‬
 ‫الأديان والإلحاد والتنكر للتراث‬        ‫على التمييز‪ ،‬وأسهل ما أخذناه‬
   ‫البعيد والقريب بأكمله ‪-‬دينيًّا‬
   ‫وثقافيًّا وفنيًّا‪ -‬مألوفة عندنا‪،‬‬                 ‫عنهم هو المباديء‬
   ‫يصاحب ذلك قبول واستكانة‬                                   ‫الفكرية‬
‫غريبان إزاء مظاهر وأفكار كانت‬
    ‫تعد مستنكرة ومرفوضة‬
  ‫من الكيان الجمعي الشعبي‬
      ‫المصري لقرون طويلة‪،‬‬
   ‫فأصبح من المتعارف عليه‬
   ‫الانتقاص من قيمة اللغة‬
    ‫العربية واعتبار اللغات‬
   ‫الأجنبية والتحدث بها‬

      ‫هما مظهرا الرقي‬
 ‫والثقافة‪ ،‬وانغمس أغلب‬
‫الشعب في مظاهر مادية‬
 ‫واستهلاكية مفرطة أدت‬

    ‫بدورها إلى أزمات‬
‫اقتصادية واجتماعية‬
 ‫تضاف إلى الأزمات‬
  ‫التي كانت تملأ‬
‫عقول المصريين‬

  ‫من الأساس‪.‬‬
     ‫من المعلوم‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129