Page 120 - merit 42 jun 2022
P. 120

‫العـدد ‪42‬‬                                    ‫‪118‬‬

                                     ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬                            ‫الشيطان!! ولا حول ولا قوة إلا‬
                                                                                                   ‫بالله‪.‬‬
     ‫جميعهم يتدبرون النصوص‬            ‫فعندما يقول الله «يسرنا القرآن»‬
‫والنتيجة أنه أصبحت لهم مدارس‬          ‫معناه السهولة والبساطة‪ .‬فكيف‬           ‫أحدهم تحدثت معه فقال‪ :‬إن‬
                                                                           ‫قوله تعالى «واغسلوا أيديكم إلى‬
  ‫مختلفة وأتباع يتعصبون أحيا ًنا‬          ‫ُتص ِّعبون عليكم الدين وأنتم‬
     ‫لرموزهم‪ ،‬والسر في ذلك أن‬            ‫تعلمون مصير من سبقوكم؟‬             ‫المرافق» يعني من تحت لفوق‪،‬‬
     ‫النص لا يفسر نفسه بنفسه‬              ‫لقد ثرنا على هؤلاء لعبادتهم‬      ‫بينما الشيعة خالفونا وقالوا بل‬
                                                                           ‫هي من فوق لتحت‪ ،‬ف ُذ ِهلت من‬
  ‫كما يعتقد البعض ولكنه بحاجة‬              ‫النصوص‪ ،‬ها أنتم تعبدون‬         ‫التنطع لمجرد المخالفة والتعصب‬
‫لتدخل عقلي جراحي يلزمه أدوات‬                        ‫النصوص مثلهم!‬
 ‫علم من الحياة والواقع والتاريخ‪،‬‬                                            ‫للرأي لمجرد الانتماء‪ ،‬قلت‪ :‬إن‬
                                     ‫التنوير هو اتجاه نقدي بالأساس‪،‬‬       ‫غسل الأيدي يفترض من منطقة‬
     ‫فكل النصوص المكتوبة تبقى‬         ‫لو لم تنقد أوضاعك السلبية كلها‬      ‫مكشوفة لما دون‪ ،‬وبالتالي حرف‬
      ‫ميتة حتى ينطقها صاحبها‪،‬‬                                             ‫«إلى» لا يدل على وجوب أو ندب‬
   ‫وبما أننا لا نرى صاحبها رأي‬          ‫فلست مستني ًرا بل مغل ًقا مثلك‬
‫الشاهد والسامع فسيظل فهم تلك‬           ‫ك َّمن تنتقدهم أحيا ًنا‪ ،‬واتجاهات‬      ‫بل لطبيعة الغسل نفسه من‬
   ‫النصوص نسبيًّا ومادة خلاف‬           ‫النقد كثيرة منها نفسية وعقلية‬          ‫مكان مكشوف‪ ،‬كقوله تعالى‬
                                                                            ‫«وأنزلنا من السماء ماء»‪ ،‬فهل‬
                          ‫أزلية‪.‬‬            ‫وعلمية ونصية واجتماعية‬         ‫على قولك أن الماء يجب أن ينزل‬
‫الجيد في تعدد المذاهب النقدية هذه‬    ‫ووجودية‪ ،‬بحر واسع من مذاهب‬            ‫من فوق لتحت؟! هو كذلك فع ًل‬
                                                                          ‫ولا يحتاج لتدخلك‪ ،‬وعليه فالآية‬
   ‫أنها يعالج آفات بعضها وتسد‬            ‫النقد كلنا يمارسها دون علم‪،‬‬      ‫فيها سعة‪ ،‬من تحت لفوق أو من‬
     ‫ثغراتها بنفسها‪ ،‬وبالتالي هي‬           ‫وحين نختلف لا نعلم كيف‬         ‫فوق لتحت‪ ..‬إنت حر! وهذا مثال‬
 ‫ضرورية من حيث كونها ُمك ِّملة‪،‬‬                                           ‫للتنطع والتشدد في تأويل وتدبر‬
    ‫أنا شخصيًّا أزعم أن طريقتي‬        ‫اختلفنا‪ ،‬وأقرب نماذج الاختلاف‬          ‫النصوص الذي يريد البعض‬
 ‫فريدة ج ًّدا لا يمتلكها أحد غيري‬      ‫في مذاهب النقد الأدبي واللغوي‬       ‫إلزام جماهير المسلمين به‪ ،‬وما‬
     ‫ولن يحدث‪ ،‬مذهبي في النقد‬          ‫أنك ستجد طريقة لويس عوض‬              ‫فعلوه وقع فيه السابقون لقلة‬
‫والعلم مختلف عن كل هؤلاء‪ ،‬إنما‬       ‫مختلفة عن سلامة موسى مختلفة‬           ‫علمهم وجهلهم بجوهر الأديان‬
  ‫نشترك جمي ًعا في هدف تنويري‬
‫واحد وهو مقاومة التشدد الديني‬            ‫عن العقاد‪ ،‬كذلك نقد الموروث‬           ‫بدعوتها للتسامح وال ُيسر‪،‬‬
  ‫والإرهاب والتكفير والأصوليين‬         ‫طريقة بحيري مختلفة عن عبده‬
    ‫وخلط الدين بالدولة‪ ،‬وبالتالي‬      ‫ماهر مختلفة عن إبراهيم عيسى‪،‬‬
 ‫فالتنوير هنا طريقة تفكير تؤدي‬
 ‫لحياه أفضل وتصحيح الأخطاء‪،‬‬                 ‫مختلفة عن عدنان إبراهيم‬
‫ليس مذهبًا على الإطلاق‪ ،‬وبالتالي‬      ‫والرفاعي‪ ..‬مختلفة مع شحرور‪،‬‬
     ‫فالتنوير ليس مذهبًا عقائد ًّيا‬  ‫منسبو هذه المذاهب التي أقصدها‪،‬‬
   ‫كما هو شائع بل طريقة تفكير‬
      ‫إصلاحية مصدرها الإيمان‬
‫بقدسية الإنسان وحياته وكرامته‬
‫وضرورة العلم للارتقاء والتطور‪،‬‬
   ‫ومن يجعله مذهبًا عقائد ًّيا فهو‬
     ‫ضا ٌّل ُمض ٌّل‪ ،‬فلن يرضيه ما‬
  ‫وصل إليه من علم‪ ،‬بل سيسعى‬
 ‫لإقصاء كل مختلف معه حتى لو‬
   ‫كان يسمى «زعيم التنويريين»‬
   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125