Page 118 - merit 42 jun 2022
P. 118

‫العـدد ‪42‬‬                          ‫‪116‬‬

                                    ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

  ‫مملة‪ ..‬ستصل في النهاية إلى أن‬      ‫الليبرالية التي عاشها المصريون‬       ‫بأن مقالات د‪.‬صدقي تجدونها‬
     ‫شريعتهم هي نفسها شريعة‬            ‫منذ أواخر القرن التاسع عشر‬            ‫في مجلة المنار للشيخ محمد‬
    ‫داعش‪ ،‬والله الذي يعرفونه لا‬         ‫وأوائل القرن العشرين‪ ،‬وهي‬           ‫رشيد رضا الذي كان يؤمن‬

 ‫يختلف كثي ًرا عن الله الذي عرفه‬    ‫الحقبة التي أنتجت معظم مفكري‬       ‫بالتنوع الفكري لحد كبير‪ ،‬وسمح‬
‫البغدادي والزرقاوي‪ ،‬والفقه الذي‬     ‫التنوير الكبار في العصر الحديث‪..‬‬    ‫لرجل ينكر السنة وفقا لمذهبه أن‬
‫يعلمونه لم يخرج من فقه المذاهب‬                                           ‫يكتب في مجلته العلمية الموجهة‬
                                         ‫علما بأن كلام محمد توفيق‬
                 ‫الأربعة السنية‪.‬‬      ‫صدقي بميزان اليوم يأخد فيها‬            ‫للأصوليين بشكل أساسي‪.‬‬
      ‫وما يفرقهم عن التكفيريين‬                                              ‫فجذور الفكر القرآني وإنكار‬
    ‫أمرين اثنين‪ ،‬الأول‪ :‬طهارتهم‬         ‫(‪ 5‬سنين ازدراء أديان وش)‬           ‫حجية الحديث وجدت في تلك‬
 ‫من خرافات المحدثين وقصصهم‬          ‫برغم أن أبحاثه منشورة في مجلة‬          ‫المجلة بدايات القرن العشرين‬
    ‫المضحكة والعنيفة في التراث‪،‬‬                                        ‫الميلادي‪ ،‬وحجج القرآنيين عمو ًما‬
  ‫والأمر الثاني‪ :‬أنهم مضطهدون‬           ‫علمية إسلامية رائجة في هذا‬       ‫قو َّية ج ًّدا في نفي حجية الحديث‬
   ‫في بلدانهم العربية مما أكسبهم‬        ‫الزمن‪ ،‬وهي مجلة المنار‪ ،‬التي‬      ‫واعتباره أص ًل للتشريع‪ ،‬ومما‬
   ‫نزعة تسامح وإيمان بالعلمانية‬      ‫صارت مرج ًعا لمعظم رواد الفكر‬           ‫قاله د‪.‬محمد توفيق صدقي‬
 ‫عند البعض‪ ،‬لكنه إيمان منقوص‬         ‫الإسلامي في القرن العشرين من‬          ‫بمجلة المنار على سبيل المثال‪:‬‬
      ‫يطالب بالشريعة الإسلامية‬                                            ‫‪ -1‬لا وجود لقتل المرتد ‪ -2‬لا‬
 ‫المستمدة من القرآن وف ًقا لرأيهم‪،‬‬             ‫كل الاتجاهات تقريبًا‪.‬‬      ‫وجود لحد الرجم ‪ -3‬لا ناسخ‬
      ‫وفي تلك الجزئية هم بحاجة‬             ‫وشخصيًّا عايشت جماعة‬         ‫ومنسوخ في القرآن ‪ -4‬لا صحة‬
  ‫للاعتراف بأهمية (العقل والعلم‬          ‫القرآنيين وكتبت في موقعهم‬      ‫لقصة البراق في الإسراء ‪ -5‬آدم‬
 ‫والتاريخ) لتفسير الدين ومعرفة‬         ‫سنوات وأحسنوا استضافتي‪،‬‬           ‫ليس أول البشر ونظرية التطور‬
       ‫الله وأجواء زمن الرسول‪،‬‬        ‫لكنني مختلف عنهم في التفسير‬          ‫هي أفضل شئ لتفسير الآثار‬
   ‫فبرغم أن زعماءهم يكتبون في‬           ‫والرؤية الأكثر شمو ًل وقبو ًل‬      ‫التاريخية ‪ -6‬وجوب الوصية‬
 ‫التاريخ لكن النص القرآني لديهم‬       ‫للعلم وحقائق التاريخ والموقف‬     ‫أو ًل في الميراث ‪-7‬الذهب والفضة‬
   ‫وحسبما قالي لي أحد زعمائهم‬           ‫من منتسبي الأديان الأخرى‪،‬‬        ‫والحرير (حلال لكلا الجنسين)‬
  ‫(فوق الزمان والمكان)‪ ،‬أما كتب‬       ‫فحدث الصدام منذ ثلاثة أعوام‬      ‫‪ -8‬المعراج رؤية منامية لا حقيقة‬
  ‫التاريخ فهي ليست دلي ًل للفهم‪،‬‬    ‫تقريبًا مما أدى لتقديم استقالتي‪،‬‬       ‫واقعية‪ ..‬وأشياء كثيرة جميلة‬
‫ولكن حجة ليثبتوا بشاعة المذاهب‬        ‫لكنني أعتبرهم رفقاء فكر غالبًا‬
 ‫فحسب‪ ..‬ويكفي القول إن عبارة‬             ‫وليسوا خصو ًما‪ ،‬وأعتبر أن‬                                ‫ج ًّدا‪.‬‬
‫«نص القرآن فوق الزمان والمكان»‬            ‫الخلاف معهم ليس بالحدة‬           ‫ولا أستبعد أنه كان مؤث ًرا في‬
‫يجعل كل نصوص القرآن بمرتبة‬              ‫التي يجب أن أكون عليها مع‬        ‫الأستاذ أحمد صبحي منصور‪،‬‬
    ‫واحدة وكيفية تطبيق واحدة‪،‬‬           ‫التكفيريين‪ ..‬وما آخذه عليهم‬        ‫بل اقتبس منه بعض مقالاته‪،‬‬
    ‫وهو نفس المعتقد الداعشي في‬            ‫هو حصرهم العلم بالله من‬           ‫حتى أن فكر وثوابت توفيق‬
    ‫إطلاق نصوص الدين ونزعها‬            ‫داخل القرآن فقط‪ ..‬وهي نزعة‬      ‫صدقي تشبه فكر وثوابت صبحي‬
       ‫من السياق‪ ،‬هنا القرآني لا‬    ‫أصولية لا تراعي صيرورة الكون‬            ‫منصور بنسبة ‪ %80‬تقريبًا‪،‬‬
  ‫ينزع الآيات من سياقها الحربي‬          ‫والطبيعة والإنسان‪ ..‬وبالتالي‬         ‫والباقي اجتهاد تاريخي من‬
  ‫والاجتماعي فيضطر لقبولها في‬           ‫صيرورة الدين نفسه‪ ،‬لكنهم‬       ‫منصور تميز فيه بالغوض العميق‬
   ‫معاملة المخالِف‪ ،‬ولو قام بنزع‬     ‫بذلك الحصر حرموا أنفسهم من‬           ‫في كتب التاريخ الإسلامي‪ ،‬أما‬
‫الآية من سياقها الحربي سيضطر‬        ‫تفاصيل العلم والعقل ليكونوا من‬       ‫د‪.‬محمد توفيق صدقي فقد كان‬
     ‫لقبول الروايات المؤكدة لهذا‬    ‫ألد أعدائهما‪ ،‬بمعنى إذا داومت في‬   ‫(غزير الإنتاج) وباحثًا جريئًا ج ًّدا‬
                                      ‫سؤال القرآنيين عن (شريعتهم‬        ‫وشجا ًعا‪ ،‬وقد استفاد من الحقبة‬
                                         ‫وعن الله) سؤا ًل بعد سؤال‪،‬‬
                                     ‫حكم بعد حكم‪ ..‬ومناقشة طويلة‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123