Page 12 - merit 42 jun 2022
P. 12

‫العـدد ‪42‬‬                   ‫‪10‬‬

                                                     ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

     ‫والحدث والفضاء الروائي‪ ،‬وبكلمة أخرى على‬                             ‫وكذلك‪ ‬المجتمعات الناقصة(‪.)5‬‬
   ‫المتلقي استخلاص الثيمة بنفسه‪ ،‬مع الأخذ بنظر‬              ‫ثم أعقبهم الفيلسوف توماس مور (‪-1478‬‬
  ‫الاعتبار أن الثيمة والحبكة والبناء لا يمكن فصل‬          ‫‪1535‬م) في كتابه «يوتوبيا» (‪ )Utopia‬والذي‬
‫أحدهما عن الآخر‪ ،‬فكل واحد منهما يساعد على فهم‬         ‫كان حل ًما من أحلام اليقظة جاءته بردة فعل كذلك‬
    ‫الآخر‪ ،‬كما أن الثيمة تحدد من القصة ولكنها لا‬          ‫لفساد السلطة في إنجلترا وتسلط رجال الدين‬
                                                     ‫ونهبهم لأموال الشعب مقابل صكوك الغفران‪ ،‬فكان‬
                     ‫توضح القصة بشكل تام(‪.)6‬‬          ‫أن حلم بعالم مثالي يسوده العدل والمحبة والرخاء‪،‬‬
‫تنقسم ثيمة الرواية إلى قسمين؛ الأولى ثيمة الحزن‬       ‫وجاراه في ذلك الفيلسوف فرانسز بيكون في كتابه‬
 ‫ج َّراء المدينة البائسة التي تحكم فيها سلطة الكهنة‬   ‫«العالم الجديد» ‪ ،New Atlantis‬وقد سارت رواية‬
                                                      ‫هيرا على نفس المسار مع اختلاف الفضاء السردي‬
      ‫الظالمة‪ ،‬وهي تتحكم بمصائر الناس وتنصب‬               ‫بينها وبين الأمثلة السابقة مع تقارب كبير في‬
      ‫الفاسدين لإدارة شؤون الدولة‪ ،‬والثانية ثيمة‬
    ‫السعادة ج َّراء المدينة الفاضلة بعد تحقق نبوءة‬                                           ‫الدوافع‪.‬‬
  ‫البطلة وتغيير الواقع من البؤس والشقاء إلى قمة‬      ‫يقول د‪.‬سالم الغزولة عن رواية هيرا‪« :‬هيرا صوت‬

                                 ‫الفرح والرخاء‪.‬‬         ‫الإنسان الحق‪ ..‬ذلك الإنسان الذي يسعى جاه ًدا‬
‫بينما تشير الرؤية في معناها الدلالي إلى وجهة نظر‬          ‫بكل ما أوتي من قوة إلى تغيير الواقع المظلم»‪.‬‬
‫الراوي محملة في النص السردي‪ ،‬وحسب ما تقول‬
 ‫الموسوعة البريطانية‪« :‬دائ ًما هناك شخص ما يقف‬         ‫والرواية قيد البحث جاءت على غير نمط الروايات‬
  ‫بين القارئ وحدث القصة‪ ،‬ويخبرنا هذا الشخص‬               ‫التي زامنتها‪ ،‬فهي تندرج ضمن روايات الخيال‬
‫بالقصة من وجهة نظره‪ ،‬وتشكل زاوية الرؤية التي‬
                                                       ‫العلمي ‪ ،Science Fiction‬فهي تستند على عودة‬
   ‫يتم عرضها من خلال النص السردي‪ ،‬وتقع من‬               ‫الزمن إلى الماضي عبر نبوءة تتحقق في شخصية‬
   ‫الأهمية بمكان للمتلقي‪ .‬وتقسم زاوية الرؤية إلى‬        ‫البطلة «هيرا» يحيى فيها الأموات‪ ،‬وتلد أرتميس‬
                                                        ‫هيرا ثانية فتقلب حالة البلاد من البؤس والشقاء‬
                                 ‫أربعة أنواع(‪:)7‬‬     ‫إلى التقدم والازدهار‪ ،‬ويتم اندماج هيرا الكبيرة مع‬
 ‫‪ -‬الرؤية الموضوعية‪ :‬يخبرنا الكاتب بالقصة دون‬           ‫هيرا الصغيرة لتعود شخصية واحدة تسعى إلى‬
 ‫ذكر أشياء أكثر مما يمكن استخلاصها من الحدث‬           ‫تحقيق السعادة ونشر الخير في اليوتوبيا الجديدة‪،‬‬

     ‫والحوار في القصة‪ ،‬بحيث يبقى الراوي بصفة‬             ‫ولكن في ليلة وضحاها يتحول سراق ومجرمو‬
  ‫مراقب غير متحيز لجهة‪ ،‬ولا يفصح عن أي فكرة‬            ‫الأمس إلى صالحين‪ ،‬وهنا نجد أن الراوي قد عقد‬

                                                            ‫صفقة مع اللصوص والقتلة والفاسدين بعد‬
                                                            ‫أن منحهم مكانة مرموقة في المدينة الفاضلة‪،‬‬
                                                             ‫ولم ينالوا جزاءهم العادل على الجرائم التي‬

                                                                ‫ارتكبها بحق الشعب في المدينة البائسة‪.‬‬

                                                                 ‫الثيمة والرؤية‬

                                                        ‫الثيمة ‪ Theme‬هي فكرة القصة ومغزاها‪،‬‬
                                                           ‫وثيمة العمل السردي هو النظرة للحياة‬

                                                     ‫وكيفية تصرف الناس‪ ،‬وفي القصة فإن الثيمة‬
                                                        ‫ليست المقصود بها الإرشاد أو الوعظ‪ ،‬كما‬

                                                     ‫أنها لا تقدم بشكل مباشر بل يتم استخلاصها‬
                                                          ‫من مكونات العمل السردي؛ الشخصيات‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17