Page 15 - merit 42 jun 2022
P. 15
13 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وتمظهرات مختلفة ،فلا حقيقة واحدة فيها ولا تسلط الضوء على حدث في التاريخ القديم ،أو على
حقيقة مطلقة ،مما يتيح المجال واس ًعا أمام السارد معتقد سيسيوثقافي لمجموعة من الناس ،أو تعطي
الذي احتاج غالبًا للتكثيف والترميز ،إزاء تغ ُّربه تفسي ًرا لحدث في الطبيعة( ،)16وهي جنس أدبي
عن واقعه حينًا ،أو إزاء رغبته في التعبير عن واقعه خاص يقترب من القصة والرواية والسيرة ،والعلم
المش َّوه أحيا ًنا مستعينًا بالرمز الأسطوري لخلق المختص بها هو علم الأساطير ،Mythologyلعل
عالم أقرب للكمال المتخيَّل(.)19 من أسباب توظيف الأسطورة من قبل الأدباء
وتتكئ الرواية على تقنيتين سرديتين؛ الأولى العرب هي تحقيق هدفين أساسيين« :أولهما هدف
توظيف أسماء الشخصيات الأسطورية المستمدة سياسي؛ اتخاذ الأسطورة قنا ًعا وقائيًّا يحميه
من التاريخ ،وهنا يشتغل التاريخ بوصفه مصد ًرا
للأدب ،وهذا يعني أن الأدب والتاريخ مترادفان على من عين الرقابة ،ويدع مسافة مجازية بينه وبين
وجه التقريب ،فكلاهما خطاب يتعامل مع المواقف السلطة ،إذ اختبأ الأديب وراء كنانة الأسطورة،
التاريخية ومؤلفيها وقرائها بل وثقافاتها ،وما من
أحد له حق ادعاء فهم التاريخ فه ًما موضوعيًّا كليًّا ورشق من خلالها أعداءه أو خصومه بسهام
وإعطائه تفسي ًرا لا يمكن تخطيه في قابل الأيام(،)20 الرفض والاحتجاج( ،)17وثانيهما سبب فني وهو
تحرير النص الأدبي من أسوار
فشخصية بطلة الرواية «هيرا» Heraهي إلهة
المرأة والزواج والأسرة والولادة في الميثولوجيا البلاغة القديمة التي تقوم
اليونانية القديمة ،واحدة من اثني عشر إل ًها أولمبيًّا على السجع والزخرف اللفظي
وأخت وزوجة زيوس ،وهيرا تحكم على جبل والمبالغة واختبار الذاكرة في
أولمبوس بصفتها ملكة الآلهة()21؛ بينما شخصية حفظ الغريب»( ،)18وهنا نجد أن
«بوسيدون» - Poseidonوالد هيرا والذي يناضل الأسطورة قد شكلت قنا ًعا رمز ًّيا
من أجل الخير والصلاح والدعوة للعلم والمعرفة لدى السارد بوصفها تحد ًيا
وينتقد حكومة الكهنة الفاسدة حتى تودي هذه للتابو السياسي والديني
الانتقادات بحياته -إله البحر (والمياه بشكل عام)
والزلازل والخيول ،وكان بوسيدون شقيق زيوس والاجتماعي في بيئته
إله السماء والإله الرئيسي لليونان القديمة()22؛ أما التي ما زالت تعيش تحت
آرتميس Artemisوالدة هيرا فهي حامية الأطفال، وطأة غياب حرية التعبير
وحرية الكتابة ،وتعد
المساس بهذه المفردات،
أو محاولة اختراقها
ضر ًبا من الجنون.
لذا وجد الشاعر في
الأسطورة منج ًما
ذهبيًّا قاد ًرا على
تخزين اللاوعي
الجمعي الإنساني
وإعادة إنتاجه
بص َور