Page 19 - merit 42 jun 2022
P. 19

‫‪17‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

                   ‫علوان مهدي الجيلاني‬

                                                    ‫(اليمن)‬

                   ‫“عنا ُق ال ُم ْسَن ِد”‬

    ‫للشاعر شوقي عبد الأمير‬

    ‫شغف كتابة المنطوقات‬

    ‫الفاعلة في ذاكرتنا‬

     ‫صرامة التعامل مع اللغة‪ ،‬والمثابرة على تخليصها من الهيجانات‬
  ‫العاطفية‪ ،‬والحرص على النأي بها عن التداعيات السائلة‪ ،‬التي يندر‬

    ‫أن تتخلص منها اشتغالات شعرية‪ ،‬تتموضع الأمكنة والأشخاص‪،‬‬
     ‫أو الأيقوانات سواء كانت آثا ًرا أو سرديات تتناسج فيها التواريخ‬
‫والحقائق بالأساطير‪ ،‬لا تحول دون تبلج النصوص في صور ومشاهد‬
     ‫بالغة القوة‪ ،‬فيها ابتكار‪ ،‬وفيها قدرة على الإدهاش‪ ،‬وفيها تحفيز‬
  ‫على التفكير والتأمل‪ ،‬ليس في دلالات ومعاني النص فحسب‪ ،‬وليس‬
  ‫في منطوقات الأمكنة والشخصيات والأيقونات ومقولاتها كما يكتبها‬
 ‫النص فحسب‪ ،‬ولكن التفكير والتأمل في الشعر نفسه بما هو تجربة‪،‬‬

           ‫لغة خاصة‪ ،‬وقدرات إبداعية‪ ،‬اشتغالات في مناطق مفارقة‪.‬‬

 ‫احتفالية لرامبو في فندق شيراتون حضرها وزيرا‬                ‫شوقي عبد الأمير قامة عراقية يمنية كبيرة‪،‬‬
 ‫الخارجية والثقافة الفرنسيين؛ رولان دوما وجاك‬
                                                           ‫فهو شاعر وكاتب ودبلوماسي ومثقف استثنائي‪،‬‬
                                          ‫لانغ‪.‬‬            ‫خدم اليمن سنوات طويلة من خلال توليه منصب‬
‫ورغم تشعب عوالمه‪ ،‬التي تتوزع على العراق واليمن‬            ‫مدير المركز الثقافي اليمني في باريس‪ ،‬ثم من خلال‬

 ‫والجزائر ولبنان ومصر وفرنسا‪ ،‬ويقف في القلب‬                   ‫حضوره الباذخ في المشهد الثقافي اليمني‪ ،‬أعاد‬
 ‫منها مشروعه الكبير كتاب في جريدة الذي استمر‬               ‫اكتشاف الشاعر عبد ربه الكراني (وهذا هو اسم‬
  ‫‪ 16‬عا ًما ق َّدم خلالها كنوز الثقافة العربية التراثية‬   ‫الشاعر الفرنسي الشهير آرثر رامبو عندما كان في‬
                                                         ‫اليمن)‪ ،‬كما اكتشف بيته‪ ،‬وأثار بذلك ضجة واسعة‪،‬‬
   ‫والحديثة‪ ،‬بالتعاون مع اليونيسكو‪ ،‬ثم مشروعه‬            ‫ناهيك عن مساهماته في ترشيح مواقع يمنية لقائمة‬
‫المميز مجلة (بين نهرين)‪ .‬التي يصدرها من بغداد‪،‬‬            ‫التراث العالمي‪ ،‬وتنظيمه لمهرجانات ثقافية فرنسية‬
‫إلا أن تجربته الشعرية هي أهم أحبابه‪ ،‬وهي تتقدم‬           ‫يمنية‪ ،‬ولا زلت أتذكر أن أول فعالية أدبية حضرتها‬
                                                         ‫في صنعاء بعد انتقالي إليها خريف عام ‪ ،1991‬كانت‬
      ‫كل إنجازاته التي ذكرتها‪ ،‬فهو ممن يعيشون‬
‫تجربتهم بعمق‪ ،‬تلمس ذلك لحظة تسمعه يلقي ن ًصا‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24