Page 23 - merit 42 jun 2022
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
لك َّن المنظر منهم ٌك بالتذكر
لم ينفض الغبار عن ياقته
منذ قرون.
شوقي عبد الأمير يتعامل
مع اللغة تعام ًل شعر ًّيا
صر ًفا ،ويبلغ تماهيه في
سحرها حد اعتبارها من
معبودات العرب قدي ًما،
وله نص شهير يقول فيه
“بأن اللغة العربية ُعبِدت
مرتين ،مرة حين ُكتبت بها
المعلقات الشعرية ،و ُعلقت
على الكعبة وهي أقدس
الأماكن ،ومرة عندما ُكتب
بها القرآن” .لكنه رغم إرثه
مبارك سالمين عبد الله البردوني عبد العزيز المقالح الباذخ من اللغة العربية،
التي يمسك بها كوتد وجذر،
يعيش أي ًضا في اللغة الفرنسية( ،في آخر صرعات
الكتابة) .يقول ،ويضيف أي ًضا “أكيد أن قصيدتي
لكن الرب الهندوسي أخفى هي محاولة لابتكار هوية جديدة ،تجمع بين
جثت ُه
أمومة اللغة العربية وأبوة اللغة الفرنسية ،وهما
خلف الأشيا ِء نسغان في شجرة واحدة ،فأنا لا أفارق امتداداتي
وفي الخار ِج العربية وفضاءاتي الفرنسية” .لنتأمل نصه (عدن
أفرا ٌح من خزف المعسكر) ،إلى رامبو بعد مئة عام 1988وإلى جعفر
غيما ٌت من ق ٍش
حسن :1991
عدن. بين الصدأ والبحر
نحن إذن أمام كتابة شعرية تتخلص من بين الجب ِل والرو ِح
ضواغط التنظير النقدي ،كتابة لا تتأطر بمعطى
عدن.
سائد ،ولا بإملاءات متلقين مفترضين ،وليست في المعب ِد البوذ ِّي
مهمومة بنقاش مدى صحة الواقعة التاريخية ،أو الز َّوار قط ٌن
حقيقة وجودها ،بل إن تشظي إيحاءات الأمكنة يلو ُذ في مأم ٍن من رياح
والشخصيات والسرديات المرتبطة بهما ،بين البحر
التاريخي والأسطوري ،يزيد من قوة حضورها في
شعره ،ويجعل تعاطيه معها يتم بحرية أوسع ،ففي شهي ٌق قديم في جدار
فضاء كهذا تتجاوز الأمكنة وتتجاوز الشخصيات صلا ٌة مشققة في مزهري ِة
مدلولاتها المحددة ،أسما ًء وانتماءات جغرافية أو الخشب
عرقية ،لتصير كينونات كبرى فضاؤها الكون كله،
وانتماؤها الإنسانية كلها ،بحضاراتها المختلفة وما قط ُع السيراميك تتناز ُع
صمت ولا اكتراث الآلهة