Page 24 - merit 42 jun 2022
P. 24
العـدد 42 22
يونيو ٢٠٢2
ونص شوقي يختلف عن نصوص كتبها عديد تشترك فيه من قيم وفنون إبداعية عابرة لكل زمان
الشعراء عن اليمن في فترة موازية ،أدونيس في ومكان .لنتأمل هذا المقطع من نص (حضرموت)،
قصيدة (المهد) مث ًل ،امتلاء شوقي بالمكان معايشة إلى برنار نويل:
وثقافة ،مواطنة ومناصب رسمية ،اكتشافات ثقافية المعلَّقات إما رقا ٌب
وخدمات كبيرة .خلصته من قبليات تتحكم بنسب أو ُحصران.
مختلفة في نصوص غيره .بل حتى نصوص نظرائه
من الشعراء اليمنيين ،التي تغلب عليها الهيجانات واللغ ُة العربي ُة لم تزل عباء َة ُقرشي
العاطفية المعللة بواقع اليمن اليوم مقارنة بما كان هربت تحتها َمناة
عليه قدي ًما ،وضغوط مقارنته بجيرانه وسائر
الى أسواق حضرموت.
أشقائه.
لنتأمل نص (صنعاء) إلى جبار ياسين: لا مئذن َة فوق رمال
ولا ُقبَّ َة أعلى
القبا ُب بطو ٌن ُحبلى
وال ُصرا ُخ ولادة. من ُعن ِق الناقة.
واجها ُت البيوت مدهون ٌة الظمأ عصفو ٌر جارح
بعنا ِق الآباء وأنا أدخ ُل خيم َة روحي
مثل أجساد القرويات مثل جم ٍل صحراء.
بالفلفل الأصفر. في دم ّون.
في الصباح أقرأ نصوص الديوان فيما تحضرني نصوص
ترى الحناج ُر ر َّبها لشعراء آخرين ،يمنيين وعر ًبا ،ويتأكد لي بعد كل
والمنائ ُر تتداف ُع مثل الحجاج قراءة أن كتابة شوقي عبد الأمير مختلفة ،كتابته
ليست مهمومة ،بتأكيدات لفظية على انتمائه لليمن،
عند الطواف. كما أنها ليست مشغولة بتقرير حقائق معينة أو
وفي الليل
نفيها ،تفتيح بشرة الجملة الشعرية بالغناء ،أو
يزهو كل جدار صنعاني سمكرة المقولات التاريخية والبحث عن ممكنات
بأوثانه من الأقمار.
للنقش فيها ،ولا حتى إضمار دوافع تتعلق
*** بحوارات لاحقة مع نصوصه ،النص يجترح نفسه
القيلول ُة تأسي ًسا على رؤية شديدة الاستقلال ،وهو نص
حقو ٌل تتجو ُل في كلام. يجبر التعامل النقدي معه على التثاقف ،لا الشرح،
نص شوقي عبد الأمير يكره النقاد الشراح ،بقدر
جمر ٌة خضراء ما يتجاوز مواضعات السائد ،ومقولات المنظرين.
نحاو ُل إطفاءها بين الشفاه.
والشاعر يجاهر بتجاوزه قضايا التصنيف التي
قوت. يحدد النقاد من خلالها مقترباتهم من النصوص،
لا َيك ُت ُب هنا
إلا من لا يج ُرؤ على الكلام خاصة ما يتعلق بالأحكام القيمية ،أو الربط
الشرطي بين شكل النص ،أو لغته من أجل اعتباره
والمس ّودا ُت ن ًّصا حداثو ًّيا ،النص الحديث عنده هو النص الذي
يمتلك صيرورة في الأزمنة ،وقدرة على البقاء ،وهو
في هذا يتفق مع مقولة الشاعر عبد الله البردوني
(الجودة حداثة دائمة).