Page 44 - merit 42 jun 2022
P. 44
العـدد 42 42
يونيو ٢٠٢2
معرفية تقوم على فهم قوانينه واكتشاف جوانبه الوعي تهرب المرأة من سلطة الأنس إلى سلطة الجن
الخفية الأخرى من طاقات ابداعية ،وإمكانيات، ويأخذ الخطاب (الانفجار) شكل الصرع والنوبات
وملكات فكرية ،ومواهب .وتب ًعا لذلك تظهر فئات الهستيرية.
من النساء يخرجن عن الدور التقليدي المعروف ولكن لماذا الجان؟ لماذا تهرب إلى سلطة الجان؟
فتظهر المرأة العالمة والطبيبة والمفكرة والفيلسوفة الجن هو خلفية تراثية موجودة في لا وعي المرأة
كما هو موجود في اللاوعي الجمعي .كما تحكي
والكاتبة ،والمبدعة ،والجامعية ،والرياضية. القصص والأساطير أن للجن قبائلهم وأنسابهم..
الذاكرة العربية الذكورية إلخ.
تستنجد المرأة في لا وعيها بالجان الذي لا يخضع
تتساءل ال ّرايس :لماذا لا يأتي ذكر النساء لنواميس الإنس .إنها تهرب من نواميس المجتمع
المصلحات عند الحديث عن حركات الإصلاح
الفكرية والاجتماعية التي تتعلق بالمرأة ،ولا يكاد لأن تعدد صور عالم الجن في مواجهة النظام
يتبادر إلى أذهاننا إلا محمد عبده ،قاسم أمين، الاجتماعي والأيديولوجي هو أحد مصادر قوته
الطاهر الحداد وغيرهم؟ لأن مدونة التاريخ تبقى التي لا تناقش .هذه الفجوة في عالم البشر يغطيها
مدونة رجالية في نهاية الأمر ،وهناك مصلحات في
بداية القرن العشرين لا يأتي التاريخ على ذكرهن الجن القادر على التأثير في الضعفاء (النساء-
من أمثال :نظيرة زين الدين ،عائشة التيمورية، الأطفال -الرجال غير المحاربين -الشواذ.)..
زينب فواز ،ملك حفني ناصف (باحثة البادية)، تخلص الرايس إلى نتيجة مفادها أن الجسد المكبوت
توحيدة بن الشيخ أول طبيبة نسائية إلخ .وليست المأسور المقموع ،الجسد المذنب ،الآثم ،الشيطان،
فقط المدونة التاريخية من لا تحتفي بالمرأة ولا الخطيئة ،سينفجر لأنه ممنوع من التعبير ومن
تفي النساء حقهم ،بل إن التراث الحكائي النسائي الكلام مثل الرجل ،لذلك تخرج كلماته صر ًعا
وضع طي النسيان .هناك كم كبير من الأساطير
والحكايات التي تمجد بطلات التاريخ .تراث يغترب وعصا ًبا وخطابه يصبح نوبات هستيرية.
غربتان :غربة أولى لأنه ينتمي إلى الأدب الشعبي في المقاربة الأنثروبولوجية تطرح الرايس أسئلة من
المغمور بفعل طغيان الأدب الرسمي ،وغربة ثانية قبيل :ألا تجهل المرأة إمكانيات جسدها المطلقة؟ ألا
لأنه ينتمي إلى الذاكرة النسائية التي لم تنصفها
السجلات التاريخية في ثقافة ما زالت مدونتها تراها قد اقتنعت هي واكتفت بدور الجسد الأداة؟
ماذا تعرف المرأة عن الجسد البشري بصفة عامة
الرسمية ذكورية.
يبقى القول إن حياة ال ّرايس في هذا الكتاب الفكري وعن جسدها بصفة خاصة؟
بالبحث التدريجي لتلك الأسئلة ترسم الكاتبة
طرحت بحو ًثا حول المرأة في صراعها مع السائد خارطة طريق لتتصالح المجتمعات بينها وبين
الثقافي ،والاجتماعي ،والسياسي ،والتاريخي. الجسد .ألا يصبح الجسد مصدر خجل أو مصدر
عار مما يستدعي إخفاؤه .وبفعل الجهل تفقد المرأة
وحملت على عاتقها كشف وتعرية جوانب مسكوت السيطرة على نفسها وعلى جسدها .حالات لجوء
عنها ،وصاغتها في نص يشخص الحالة بوضوح المرأة إلى المقامات المقدسة والاحتماء بها في سبيل
بعي ًدا عن المجاملات والابتسامات المواربة .وكأن تخليص الجسد من الجن والتلبس ،هذه العلاقات
النساء اللاتي التقت بهن ح َّملنها رسالة واضحة تذكرنا بعلاقة الإنسان البدائي بالطبيعة والكون
وتفوي ًضا خطيًّا كطوق نجاة معرفي في مواجهة في مراحله البدائية .المرأة الواعية المتعلمة بفضل
قضاياهن المسكوت عنها التعليم والثقافة استطاعت أن تتخلص من التفكير
الميتافيزيقي وتؤسس علاقة جديدة مع جسدها.
علاقة لا تقوم على الخوف والجهل ،بل علاقة