Page 157 - m
P. 157

‫‪155‬‬  ‫نون النسوة‬

‫الجوانب‪ ،‬لأن مصدر هذه الأحكام واحد‪ ،‬لذلك لم‬                      ‫المرأة القبطية تلعب أدوا ًرا مهمة في مجال الإعلام‪،‬‬
‫تغفل الديانة المسيحية عن دور المرأة والأسرة في‬                        ‫سواء ككاتبات وصحفيات أو كمذيعات‪ ،‬وفي‬
‫الحفاظ على المجتمع أفرا ًدا وجماعات‪ ،‬مؤكدة على‬                         ‫العمل الاجتماعي والخيري تشغل القبطيات‬
‫ما جاء به موسى عليه السلام في الوصايا العشر‬                              ‫مواقع بارزة من خلال تأسيس وتشغيل‬
‫(ألواح موسى) فجاء التأكيد على حق الأمومة على‬                          ‫مؤسسات وجمعيات تعنى بمساعدة الفقراء‬
‫لسان سيدنا عيسى عليه السلام في الآية القرآنية‬                                                       ‫والمحتاجين‪.‬‬

        ‫«وب ًّرا بوالدتي ولم َي ْج َع ْلنِي َجبَّا ًرا شقيًّا»‪.‬‬     ‫ولكن على الرغم من كل تلك المشاركات الفعالة‬
    ‫وقد ركزت الديانة المسيحية على علاقة المودة‬                         ‫للمرأة المسيحية في المجتمع الشرقي‪ ،‬بوجه‬
     ‫والمحبة بين أفراد الأسرة بإكرام الأم والأب‬                        ‫عام‪ ،‬والمصري بوجه خاص‪ ،‬إلا أنها تواجه‬
    ‫والحث على الترفع عن الرذائل بتحريم‪ ،‬فكما‬                           ‫الكثير من التحديات‪ ،‬مثل ظاهرة الطلاق في‬
  ‫ورد في إنجيل متى «لا ترتكب الزنا وأكرم أباك‬
                                                                    ‫السياق المسيحي‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬والمُدقق في قوانين‬
      ‫وأمك وأحب لقريبك بقدر ما تحب لنفسك»‪،‬‬                             ‫المجموع الصفوي لابن العسال ‪-‬باعتبارها‬
 ‫وقد حرمت المسيحية الطلاق حفا ًظا على تماسك‬                           ‫من أهم القوانين الشرقية التي حددت وضع‬
                                                                         ‫المرأة المسيحية في الشرق‪ -‬يجد أن المرأة‬
   ‫الأسرة وتضامنها‪ ،‬كما دعت الديانة المسيحية‬
   ‫إلى عدم التمييز بين الرجل والمرأة‪ ،‬ولم تسمح‬                    ‫المسيحية ارتبطت ارتبا ًطا وثي ًقا بالتقاليد الدينية‬
   ‫المسيحية بتعدد الزوجات إلا طائفة المورون في‬                    ‫والاجتماعية للكنائس المسيحية والقوانين المدنية‬
 ‫الولايات المتحدة الأمريكية التي سمحت به دون‬                     ‫التي كانت تنظمها‪ .‬تلك الأدوار قد تكون مشابهة‬
   ‫حد‪ ،‬وتعتبر الكنيسة الأسرة شريكة ضرورية‬                         ‫لأدوار المسلمات في بعض الجوانب‪ ،‬مثل الزواج‬
    ‫في تلقين أفرادها المثل العليا والقيم الأخلاقية‬               ‫والأسرة والعمل في المجتمع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان هناك‬
‫وغرس مبادئ الديانة المسيحية في قلوب الصغار‪،‬‬                        ‫أي ًضا تفاصيل محددة للأنظمة التي تنظم حياة‬
 ‫وقد كان للكنيسة مواقف صامدة في وجه تحليل‬
 ‫الإجهاض وتفتيت الأسرة والتنديد بالانحرافات‬                                                      ‫المرأة المسيحية‪.‬‬
   ‫والإخلال بالقيم الثابتة في التشريعات الدينية‪.‬‬                       ‫فقد ش َّرع الله سبحانه وتعالى الدين للناس‬
                                                                    ‫لتنظيم شؤون حياتهم‪ ،‬ولأن الديانة المسيحية‬
         ‫وفي المسيحية الشرقية تأثر وضع المرأة‬                       ‫هي إحدى هذه الديانات السماوية‪ ،‬فقد جاءت‬
   ‫الاجتماعي بالكثير من التشريعات الدينية التي‬                       ‫بأحكام تتفق مع الديانة اليهودية في كثير من‬
  ‫تعلقت بحياتها داخل الأسرة والمجتمع‪ ،‬وأهمها‪:‬‬

       ‫الزواج‪ :‬ففيه يقول ابن العسال «واعلم أن‬
       ‫مقاصد الزيجة هي بحسب عرض الصانع‬
 ‫الحكيم تعالى‪ ،‬ومن يتبعه من عبيده‪ ،‬فمن الناس‬
       ‫من لا يقصد بالزيجة إلا اللذة المخصوصة‬
  ‫فقط‪ ،‬ولا يتصور غيرها ولا ينظر إلى نسل ولا‬
 ‫معاونة‪ ،‬ومنهم من يقصد بالزيجة كثرة المال أو‬
 ‫بسط الجاه أو فخر النسب أو المجموع‪ ،‬ولهذا قد‬
 ‫يحتملون لأجل المال والجاه ردأة نسبها أو لأجل‬
 ‫فخر نسبها‪ ،‬ومنهم من يقصد النسل‪ ،‬وكثيرون‬
   ‫قد يسترون قصد اللذة بما يظهرونه من طلب‬
   ‫المعونة على المعيشة‪ ،‬وعلى أي حال فالزواج في‬
‫المسيحية اتفاق رجل وامرأة اتفا ًقا ظاه ًرا بشهادة‬
‫وصلاة كهنة واختلاط عيشتهما اختلا ًطا محص ًل‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162