Page 158 - m
P. 158

‫العـدد ‪60‬‬   ‫‪156‬‬

                                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢3‬‬

 ‫حال سواء كان الاقتران حصل بعلم وتراض أو‬             ‫لمعاونتهما على تحصيل ضروراتهما وتوليد نسل‬
  ‫بغش وجهالة‪ .‬إذ لا يجوز عقد الزواج الشرعي‬                ‫يخلفهما‪ ،‬ولا يكون التزويج إلا أن يتراضى‬
 ‫مع وجود أحد هذه الأسباب‪ ،‬أما إذا زال السبب‬              ‫المقترنان واللذين هما في حجرهم‪ ،‬وأن يكونا‬
                                                                                            ‫بالغين‪.‬‬
    ‫بتوبة الزانية توبة نصوحة‪ ،‬أو تنزل الراهب‬               ‫الطلاق‪ :‬جاء في كتاب (الخلاصة القانونية‬
 ‫عن رهبنته فع ًل‪ ،‬ورغب الفريقان في الاستمرار‪.‬‬
                                                        ‫في الأحوال الشخصية) أن الطلاق ممنوع من‬
    ‫فللرئيس الشرعي أن يجيز لهما ذلك إذا كان‬           ‫الشريعة المسيحية‪ ،‬فغير مباح الطلاق‪ ،‬أن يطلق‬
                                        ‫صائبًا‪.‬‬       ‫بمجرد اختياره أو يفارقها بحسب إيثاره‪ ،‬وإنما‬

 ‫وإذا غاب أحد الزوجين عن وطنه بحيث لا يعلم‬               ‫الزيجة‪ ،‬ما عدا انحلالها بالموت‪ ،‬تفسخ أي ًضا‬
   ‫مقره ولا حياته من عدمها‪ ،‬واستمر أمره هذا‬           ‫بأسباب وضعية شرعية بحيث لا يعتبر الفسخ‬
    ‫مجهو ًل من خمس سنوات إلى سبع سنوات‪،‬‬                ‫شرعيًّا ما لم ينظر السبب الموجب لدى الحاكم‬

‫ولم يحتمل قرينه الانتظار أكثر من ذلك‪ ،‬ويرغب‬               ‫الشرعي الروحي المتصرف في ذلك‪ ،‬ويوقع‬
‫بعد مضي هذه المدة التصريح له بالزواج‪ُ ،‬يجاب‬               ‫الحكم بالفسخ رسميًّا بناء على ما يثبت من‬
 ‫إلى ذلك بشرط أن يتحقق لدى الرئيس الشرعي‬               ‫التحقيق‪ ،‬وقد ميزنا هذه القضية ثلاث مسائل‪.‬‬

   ‫غياب الزوج الآخر سبع سنين أو خمس‪ ،‬ولم‬                                          ‫أولها هذه المسألة‪:‬‬
    ‫يظهر به خبر كل هذه المدة‪ ،‬ولم يكن تمرينه‬             ‫تفسخ الزيجة إذا كانت عقدت مع وجود أحد‬
  ‫احتمال أو رغبة في الانتظار أكثر‪ .‬أما إذا كانت‬          ‫الأسباب الثابتة المانعة المبينة في النوع الأول‬
   ‫حياة الغائب محققة غير مشكوك فيها‪ ،‬ومقره‬              ‫وهي موانع القرابة التي تفسخ الزواج مطل ًقا‪،‬‬
                                                     ‫ولو لم يرد الفريقان الافتراق‪ ،‬والأسباب المقررة‬
                      ‫معلو ًما فلا يفسخ الزواج‪.‬‬      ‫من النوع الثاني‪ ،‬وهي الموانع الشخصية تفسخه‬
      ‫ولكن على الرغم من التأثير الشرعي لنظام‬             ‫متى شاء‪ ،‬أحدهما الفرقة ولم يرد المعاشرة‪،‬‬
   ‫الزواج والطلاق على المرأة المسيحية‪ ،‬وارتباط‬         ‫بحيث يتميز الحال بينما يكون الاقتران حصل‬
   ‫المرأة القبطية بزوجها مادام حيًّا‪ ،‬إلا أن المرأة‬     ‫بتدليس الأمر على القرين الآخر‪ ،‬وبينما يكون‬
      ‫المسيحية ما زال لها تأثير كبير على الحياة‬       ‫صار بعلم وتراض ثم استمر الزوجان من سنة‬
    ‫الدينية والثقافية في مصر على وجه التحديد‪،‬‬        ‫إلى ثلاث سنوات بحسب ما تحتمله حالة المرض‬
      ‫حيث تساهم في الحفاظ على التراث القبطي‬              ‫المانع لربما يكون مما يمكن زواله فإن عوفي‬
  ‫والأنشطة الدينية والخدمة الاجتماعية‪ ،‬ويجب‬             ‫المريض فيها وإن لم يبر وتحقق أن الاجتماع‬
‫أن نلاحظ أن هناك تفسيرات مختلفة وممارسات‬                 ‫بقى غير ممكن مدة الثلاث سنوات من وقت‬
    ‫في الكنائس المسيحية المختلفة بشأن الطلاق‪.‬‬         ‫التزوج‪ ،‬ورغب الفريق الثاني الافتراق والزواج‬
‫بعض الكنائس تسمح بالطلاق في حالات محددة‬                  ‫بآخر ُيجاب إلى ذلك‪ ،‬وإن كان المرض مما لا‬
    ‫وبشروط معينة‪ ،‬بينما تعتبر بعض الكنائس‬            ‫يمكن زواله بأي علاج‪ ،‬وكان القرين الآخر ممن‬
   ‫الطلاق ممنو ًعا‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬قد يختلف تأثير‬           ‫لا يحتمل الصبر ثلاث سنوات ورغب الفرقة‬
 ‫الطلاق على الترابط الأسري من كنيسة لأخرى‪،‬‬            ‫بعد سنة واحدة مضت للزواج فللرئيس إجابته‬
                                                     ‫بعد النظر الدقيق العادل‪ ،‬وتحقيق الحق وتزييف‬
                             ‫ومن مذهب لآخر‪.‬‬
     ‫في الختام‪ ،‬يجب أن نؤكد على أن دور المرأة‬                                               ‫الباطل‪.‬‬
  ‫المسيحية في المجتمع الشرقي لا يمكن تصوره‬             ‫وكذلك تفسخ الزيجة إذا كانت عقدت على أحد‬
    ‫بشكل واحد‪ ،‬وإنما يعتمد على السياق الثقافي‬
      ‫والاجتماعي لكل بلد ومجتمع‪ ،‬حيث تعمل‬                 ‫الأسباب الآتية‪ ،‬وهي عدم النصرانية‪ ،‬وزنا‬
 ‫النساء‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬في المجتمعات الشرقية كقوة‬           ‫المرأة المشتهر الثابت‪ ،‬والارتباط بشكل الرهبنة‬
     ‫حيوية ومؤثرة في تشكيل مسار تطور هذه‬
                                                          ‫فع ًل‪ ،‬فهذه الأسباب موجبة للفسخ على كل‬
                                     ‫المجتمعات‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163