Page 163 - m
P. 163

‫‪161‬‬           ‫تجديد الخطاب‬

‫إسماعيل باشا‬  ‫الشيخ محمد عبده‬                   ‫أحمد لطفي السيد‬        ‫عام ‪ ،8681‬في ترجماتها لنصوص‬
                                                                            ‫قوانين أوروبية حديثة‪ ،‬لكن‬
 ‫والمكان والأحوال والأشخاص»‪.‬‬      ‫الحديثة‪ ،‬وتعطل الأمر مع فورة‬
  ‫مما يجعل رأي المفتي اليوم قد‬   ‫عرابي ثم احتلال الإنجليز للبلاد‪،‬‬       ‫الجهد الأساسي هو نجاح نوبار‬
                                                                       ‫في فكرة عمل محاكم مختلطة عام‬
    ‫يختلف عن أمس‪ ،‬قد يختلف‬          ‫ليتم إنشاء القضاء الأهلي عام‬        ‫‪6781‬م‪ ،‬محاكم يكون بها قضاة‬
    ‫عما أفتى به شخص آخر في‬       ‫‪3881‬م‪ .‬فكان الإشكال الأساسي‬           ‫أوروبيون وقا ٍض مصري‪ ،‬ويكون‬
  ‫نفس المجلس لاختلاف ظروفه‬       ‫هو كيف يتم الانتقال من منظومة‬
   ‫ووضعه‪ .‬فكيف ننتقل من كل‬                                                  ‫لها قوانين مكتوبة على النظم‬
 ‫هذا إلى منظومة تكون شاملة‪ ،‬لا‬       ‫الفقه بجزئيتها لعدم شمولها‬             ‫القانونية الأوروبية الحديثة‪،‬‬
  ‫تتدخل في علاقة الإنسان بالله‪،‬‬      ‫للعلاقة بين الحاكم والمحكوم‬            ‫ويخضع لها الرعايا الأجانب‬
    ‫فهذا أمر شخصي من خلال‬          ‫وبين الفرد والمؤسسات العامة‬            ‫المقيمون في مصر‪ ،‬ومن يدخل‬
‫العبادات‪ .‬وأن يكون اختصاصها‬      ‫وبين المؤسسات بعضها البعض‪،‬‬              ‫معهم في خصومات من الأهالي‪.‬‬
  ‫معاملات الفرد بفرد آخر‪ ،‬لكن‬       ‫وبين الدول وبعضها البعض‪.‬‬                ‫الخطوة التالية‪ ،‬كانت تحجيم‬
    ‫أي ًضا علاقة الفرد بجمع من‬                                            ‫سلطة الحاكم الفرد باستخدام‬
‫الأفراد‪ ،‬من خلال شركة تجارية‪،‬‬           ‫وكذلك من كونها منظومة‬            ‫قوة الخارج وليس عبر الانتقال‬
  ‫أو مؤسسة أهلية اجتماعية‪ ،‬أو‬       ‫قائمة على التمييز‪ ،‬ومن كونها‬       ‫من داخل الثقافة والوعي الجمعي‬
    ‫مؤسسة عامة ربحية أو غير‬       ‫منظومة قائمة على الإيمان وعلى‬          ‫ذاته‪ ،‬بإنشاء أول مجلس للنظار‬
   ‫ربحية‪ .‬وتشمل علاقة الحاكم‬         ‫نية المؤمن‪ .‬كذلك كون حركة‬          ‫عام ‪8781‬م‪ ،‬حيث لم يعد الخديو‬
    ‫والمحكوم‪ ،‬يكون الحاكم فيها‬       ‫الفقه حركة بعدية‪ ،‬بمعنى أن‬             ‫يحكم حك ًما مطل ًقا‪ ،‬بل يحكم‬
  ‫سلطته مقيدة بنصوص وبعقد‬           ‫الفقيه يصدر الرأي أو الفتوى‬         ‫عبر مجلس للنظار‪ ،‬وهذا المجلس‬
  ‫بينه وبين المواطنين‪ ،‬عقد قائم‬                                            ‫لم يعد كما كان الأمر من قبل‬
    ‫على كونه مختا ًرا من الناس‪،‬‬       ‫بعد الاستماع للحالة‪ ،‬وليس‬           ‫أن كل ناظر مسؤول مسؤولية‬
   ‫وبرضاهم‪ ،‬وليس ُمختا ًرا من‬         ‫مبدأ ُمحد ًدا مسب ًقا ومكتو ًبا‬         ‫مباشرة أمام الخديوي‪ ،‬بل‬
                                    ‫وهو يقوم بتفسيره وتطبيقه‪،‬‬             ‫أصبحت المسئولية تضامنية في‬
                                     ‫لذلك فإن فتوى المفتي تتغير‬             ‫مجلس النظار‪ ،‬المجلس الذي‬
                                 ‫بتغير التعبيرات التراثية «الزمان‬       ‫أصبح فيه عضو إنجليزي «ناظر‬
                                                                           ‫للمالية» يتحكم في المدخولات‪،‬‬
                                                                       ‫وعضو فرنساوي «ناظر للأشغال‬
                                                                        ‫العمومية» يتحكم في المصروفات‪.‬‬
                                                                           ‫وكان التحدي هو كيف ننتقل‬
                                                                          ‫من حكم الفرد المطلق في تراثنا‬
                                                                             ‫إلى حكم المبدأ والقانون‪ ،‬أي‬
                                                                            ‫حكم الحاكم ضمن نظام هو‬
                                                                         ‫ذاته خاضع له! وهو الأمر الذي‬
                                                                         ‫سأحاول العودة إليه بشيء من‬

                                                                                     ‫التفصيل فيما بعد‪.‬‬
                                                                              ‫الخطوة الكبيرة الثالثة هي‬
                                                                         ‫محاولة تنظيم القضاء بين أبناء‬
                                                                         ‫البلد من خلال محاكم أهلية يتم‬
                                                                            ‫تنظيمها على النظم الأوروبية‬
   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168