Page 166 - m
P. 166
هل الحسبة شأن سياسي من العـدد 60 164
أمور السياسة الشرعية ،أم شأن
فقهي وبالتالي قانوني؟ هل الحكم ديسمبر ٢٠٢3 الاحتلال الإنجليزي المباشر ،أن
للقانون كتشريع ووضع ضوابط يكون الأزهر والأوقاف منطقة
إلى تنظيم العمل داخل الأزهر
سلوك من بشر للمجتمع عبر ذاته ،أو سعيها لعمل وزارة سلطة الخديوي ،والحكومة
القوانين ،أم هو تطبيق لشرع لإدارة أمور الأوقاف في بدايات بنظارتها ومصالحها تحت الإدارة
الله لا دخل لبشر في تغييره أو القرن العشرين .سعى الخديوي
استبداله؟ ..إلخ من المشكلات التي وخلفه الأزهريون ،لإقامة هيئة المباشرة وغير المباشرة خاضعة
لم تواجهها الثقافة ويتم تنحيتها في الأزهر عام 1191م أسموها للقوى الأوروبية وخصو ًصا
«هيئة كبار العلماء»( )4في صراع إنجلترا ،من خلال أعضائهم
أو الالتفاف حولها. بين مجلس النظار الذي أنشأ دا ًرا في المجلس ومن خلال المعتمد
وحتى بعد خروج الإنجليز من للإفتاء ،لتفرض السرايا سلطانها
مصر وبعد إلغاء القضاء المختلط، من داخل الأزهر من خلال البريطاني ،لكن والأهم من خلال
بل وإلغاء القضاء الشرعي والملي «هيئة لكبار العلماء» .فيصبح المستشارين المنتشرين في وزارت
المشهد الديني الرسمي :دار
ذاتهما ،وتوحد السلطة في يد إفتاء ،تتبع وزارة العدل ،ووزارة الحكومة ،وجهازها الإداري.
واحدة مع حركة ضباط الجيش للأوقاف لها مجلس أعلى للشئون فأصبحت السلطة ُمفتتة بين
في منتصف القرن العشرين ،ظلت الإسلامية وهيئة لكبار العلماء مجلس النظار (مجلس الوزراء
ومجمع للبحوث الإسلامية وهلما
الشروخ القديمة تحت السطح فيما بعد) الذي يتحكم فيه
والأبنية القديمة تحت السطح جرا. الأوروبيون ،وبين سرايا الباشا
كما هي ،وظهرت المشكلات التي هذا الترقيع والتجاور خلق التي تدير الأمر بحكم الفرد المطلق
كانت منذ تشكيل أبنية الدولة مشكلات فكرية وفقهية وقانونية
الحديثة .فرغم أن مجلس الوزراء وتنظيمية كثيرة لم تواجهها في أمور الأزهر والأوقاف(.)3
أصبح تحت سلطة القصر ،الذي ثقافتنا ،بل التفت حولها وتأجل وحتى منطقة الأزهر والأوقاف
التعامل معها ،ففي المجال الذي دار حولها الصراع في بدايات
أصبح قص ًرا جمهور ًّيا بعد نتناوله هنا في هذه السطور عن القرن العشرين .فمث ًل حين قامت
أن كان قص ًرا ملكيًّا .لتصبح الحكم :ظل السؤال :هل حكم
الحكومة ومجلسها مجرد مجلس الحاكم ُمطلق أم ُيقيد بعقد بين نظارة الحقانية (العدل) الآن
تابع لرياسة الجمهورية ،ويزيد الحاكم والمحكوم؟ هل الحاكم بإعادة تنظيم المحاكم (الشرعية)
من الأمر تآكل أي هامش نيابي مسؤول أمام الناس وسلطته وتنظيم إجراءات التقاضي فيها،
وديمقراطي تتم فيه عملية تبادل نابعة من رضاهم عن وجوده،
للسلطة شكلي كما كان يحدث أم مسئوليته أمام الله يحاسبه عبر قانون ولوائح .وجعل
في النصف الأول من القرن عليها يوم الدين؟ هل الحكم هو فيها درجات تقا ٍض .فأصبح
العشرين ،فقد كان التغير المستمر رعاية لحقوق الناس وحرياتهم، السؤال حين تختلف محكمتين
للوزراء والوزارات ،أن أصبحت أم هو حماية لحقوق الله الفقهية في حكم لهما حول نفس القضية
الأجهزة التحتية في الوزارات أكثر التراثية؟ وهذا جعل السؤال فيما هو الراجح من مذهب أبي
كفاءة وفاعلية من الناحية المهنية عن الحسبة والمحتسب ،بما حنيفة ،فما الجهة التي تحسم
والخبرات ،الأمر الذي انقلب أنهما دفاع عن حقوق الله ،من هذا الخلاف لتحدد الراجح من
مع نظام يوليو ،حيث أدى طول الحاكم الذي يحكم بشرع الله، مذهب أبي حنيفة؟ فهل يحسمه
فترات الحاكم وأن الاختيار على هل الحسبة موجودة والمحتسب مشايخ الأزهر الذي يدير أموره
أساس الولاء وليس الكفاءة ،إلى موجود في ُنظم الدولة الحديثة، الخديوي؟ فسعى مجلس النظار
أن تهرأ الجهاز الإداري وتآكلت أم تم إلغاؤها؟ والسؤال الثاني: لعمل دار تتبع نظارة الحقانية
(العدل) تقوم بدور إفتاء مجلس
النظار عمو ًما ،وإفتاء نظارة
الحقانية .ككيان بديل عن التعامل
المباشر مع الأزهر ،كيان يتبع
الحكومة .وحين سعت الحكومة