Page 164 - m
P. 164
العـدد 60 162
ديسمبر ٢٠٢3 سلطة علوية ،أو سلطته بقوة
«الشوكة» ،بل سلطته قائمة
الحديثة ،إلى عقود مدنية بين على منظومة قوانين أوروبية على اختيار الناس ورضاهم ،أو
مواطنين ،وليست عقو ًدا دينية، ويكون بها قضاة أوروبيون بالتعبير الذي ساد في بدايات
إلهية المصدر ،تتحكم فيها سلطة وبعض القضاة الوطنيين ،تفصل القرن العشرين ،أن تكون «الأمة
في الخلافات بين الأجانب رعايا هي مصدر السلطات» ،الأمة هنا
دينية .وعند كتابة القوانين الدول ذات الامتيازات ،وبعضهم تمثل الإرادة الجماعية للبشر
وإنشاء منظومتها الحديثة ،فقد البعض ،وما بينهم وبين أبناء كأفراد أحرار مستقلين ،لكل فرد
كان الأمر سه ًل أن ننقل القانون الأهالي من خلافات .على أن يظل بالغ صوت واحد ،مسا ٍو لغيره
التجاري أو قانون للإجراءات ،أو القضاء القنصلي لكل قنصلية من أفراد المجتمع بدون تمييز
قانون تنظيم القضاء ..إلخ .وكان في مسائل الأحوال الشخصية على أساس دين أو جنس أو عرق
الإشكال في القانون المدني :هل لرعايا كل قنصلية .فكأننا أضفنا أو لون .وأن يتساوى الأفراد في
عقود الزواج هي عقود مدنية أم خط قضاء مواز ًيا ويظل القضاء مراكزهم القانونية أمام نصوص
عقود دينية؟ فهل يتم تضمينها القنصلي القديم كما هو قائم. القانون الموضوعة ُمسب ًقا قبل
في القانون المدني ،وتكون واحدة نهجنا نفس النهج عند محاولة وقوع الجريمة أو الخصومة أو
عند كل الوطنيين بغض النظر عن تحديث قضائنا الداخلي ليكون
دياناتهم أو مذاهبهم ،أم هي عقود الخلاف.
دينية ،تخضع للملة وللطائفة، قضا ًء على النظم القانونية فكيف حدثت محاولة الانتقال من
الحديثة ،الجهود التي تعطلت
فنفس الترقيع الذي حدث في هذه المنظومة إلى تلك؟
قوانين المحاكم المختلطة ،حيث لم باحتلال الإنجليز لمصر ،ثم
يتم تضمين القانون المدني عقود خرجت لحيز التطبيق عام 3881م -3القضاء الأهلي
وتأسيس العنف
الزواج ،أو الأحوال الشخصية بإقامة محاكم أهلية ،بقوانين
بشكل عام ،على أن تظل المحاكم مكتوبة تقوم بالقضاء بين الأهالي على النهج الذي صارت عليه
الفقهية (الشرعية) مختصة في عمليات تحديثنا من الإمساك
نظر مسائل الأحوال الشخصية الوطنيين وبعضهم البعض ،ولا بالعصا من المنتصف ،والترقيع،
للمسلمين ،والمحاكم الملية تنظر يخضع لها الرعايا الأجانب ،أو صارت الأمور مع عملية التقنين
مسائل الأحوال الشخصية لغير من يدخل معهم في خصومات وتحديث القضاء ،فبد ًل من الحل
من أبناء الأهالي .فمحاكم القضاء الجذري بالسعي إلى استقلال
المسلمين كل حسب طائفته. الأهلي ليست كاملة الولاية على كل
ويبقى سؤال فرعي :وماذا عن من يعيشون داخل حدود البلاد، السيادة القضائية الوطنية،
المسلمين السنة من رعايا الدول بالخروج من أسر الامتيازات
الأوروبية ذات الامتيازات ،فلأي فالمحاكم القنصلية والمحاكم
منظومة قانونية سيخضعون في المختلطة تقتطع من ولايتها. الأجنبية وتفتيتها للمنظومة
أحوالهم الشخصية ،هل للقضاء وعند كتابة القوانين وإنشاء القضائية ،وبد ًل من الخروج من
الفقهي (الشرعي) الأهلي المصري، منظومتها «الحديثة» ،فالمنظومات أسر جزئية والتمييز في القضاء
أم للقضاء القنصلي للدول التي الأوروبية الحديثة قائمة على الفقهي ،والقضاء الملي ،إلى قضاء
يتمتعون برعايتها؟ فبذلك تكون أساس المواطنة والمساواة بين
المحاكم الفقهية والمحاكم الملية المواطنين ،وفي القلب من هذه وطني تتساوى فيه المراكز
المساواة هو القانون المدني ،الذي القانونية للمتقاضين ،وقضاء
لغير المسلمين من الوطنيين، يتناول المعاملات المدنية والعقود لا يقوم على التمييز ..إلخ .كان
وكذلك المجالس الحسبية. فيها بكل أنواعها بين المواطنين، النهج بحل وسط ،عبر فكرة
بما فيها عقود الزواج ،التي إنشاء محاكم مختلطة ،تسير
بالإضافة للقضاء القنصلي في انتقلت تدريجيًّا في المنظومات
الأحوال الشخصية للأجانب، الثقافية والقانونية الأوروبية
والمحاكم المختلطة ،كل هذه النظم