Page 121 - merit 48
P. 121
119 إبداع ومبدعون
قصــة
عبرها أرجوحة تتدلى من فوق الغيوم ..وأنا أركض الجنون والحكمة ..حالة ضبابية ..فيها مسحة من
في مكان يشبه الغابة ،وعلى طول الطريق تلمع الغموض.
أمامي شرائط مبهمه من الذكرى ..أشكال بشرية كنت في تلك الغرفة البيضاء ألمح بصعوبه خيوط من
وأخرى مسوخ غير بشرية ُخيِّل لي كأنما أولئك نور تبدو بعيدة ومشتتة بعض الشيء.
جاءوا فجأة من زمن كنت فيه وكنت جز ًءا لا كأنني للحظة كنت أنسلخ عن ذاتي.
يتجزأ منه. وكأنما كنت أنظر من فوق طائرة ورقية من الأعلى..
الوقت ليس له معيار أو معنى ..كل شيء وخيل لي أني أرى كل الأشياء في ذات الوقت.
يظهر فجأة ..ويختفي فجأة وأنا مازلت
كل شيء هنا هو عكس ما نراه ،ويتحدى قوانين
أركض في ذلك الممر الذي يشبه غابة الفيزياء والطبيعة .حتى حواسي هي الأخرى
نائمة.. استيقظت فجأة وبقوة..
خيل لي أني..
الأشياء من حولي تشدني إلى ذلك كنت أشم رائحة الموت هناك ..ورائحة الولادة.
الصوت الجميل.
من حولي اجتمع حشد من كائنات بيضاء ترتدي
الصوت الاعتيادي نسمعه جمي ًعا ..لكن قفازات رمادية ،كانت تنزلق على جثتي الهامدة
ذلك الصوت كنت أراه أنا يقرع شبابيك والمكبلة بألف عزرائيل فوق السرير.
غرفتي المجاورة للغابة كل يوم ..كنت أشم في السقف كانت هناك فتحة صغيرة ،كنت أتأمل
رائحته ..كأنما كرائحة صلوات أو أزهار
ليلية ..صوت كحلاوة الروح حينًا ..وتارة مثل
أبواب الجحيم.
يومها ولا أعرف بأي شقاء وحزن ولهفة قررت أن
أفتح ذلك الباب في عقلي..
حين لمست مقبض الباب كنت أنا في قلب الغابة..
رأيتها واقفه هناك وراء الباب مثل بقايا حلم..
بشعرها المجعد..
وعيون مثل أساور المرجان والفيروز.
قلت لها:
الأشجار كلها صارت كبيرة ..وكبر حزن الغابة،
وأنت ما زلت صغيرة ،وكل العصافير تحبك ،وما
زال شذا عطرك الحزين هناك ..يأبى الزوال رغم
تقادم الأيام ،وما زال ثوبك يحتضن النوارس
ويحتضن سريرك المغطى بالأعشاب والفراشات.
هل تعلمين شيئًا ..حين عدت من هناك ..عدت
بجسدي ..روحي غلبها النعاس بقربك.
مدت يدها كي تسحبني هناك لكنها تلاشت مثل
صلاة قصيرة.
حاولت أن أدخل وبقوة لكن ذلك الصوت ظل
يسحبها صوب الغابة.
استيقظت من جديد على صوت تلك الألة النحاسية
اللعينة ..قلبي كان لم يزل ينبض بالنور ..ياله من
قلب شجاع.