Page 125 - merit 48
P. 125
نون النسوة 1 2 3
الغائب ،كما نصحها
البعض ،وقولها« :أنا
أريد أن أحضر كما لو
أنني كنت غائبة دائ ًما،
الحضور الكامل هو كل
ما أحلم به ،اليقظة ،التي
لا تفوت ضو ًءا واح ًدا
في جوفي إلا حدقت فيه،
حدقت فيه حتى يتلاشى،
كعيون الميدوزا ،لا أريد
سوى أن أمسخ كل
الذكريات إلى أصنام ،ثم
أكسرها ،ثم أكنس التراب
المتبقي منها ،حتى ولو
آلان روب جرييه إدموند هوسرل مارسيل بروست كنت أنا نفسي ،صن ًما من
بين كل تلك الأصنام».
(أقفاص فارغة ،الكتب
للكاتبة الإنسانة ،وربما كان هذا هو السبب في أن خان للنشر والتوزيع،
قنديل اكتفت بسرد حياتها الشخصية والاجتماعية
القاهرة٢٠٢١ ،م ،ص)١٩
دون التركيز على حياتها الإبداعية كشاعرة إنه نوع من التطهير للذات وللعالم الذي ش َّكل سجنًا
والعلمية كأكاديمية .وبهذا المعني يحتاج القارئ للكاتبة ،وأرادت أن تتحرر منه.
المهتم بسيرة قنديل الشاعرة المثقفة إلى جزء ثان
تتطرق من خلاله إلي سنوات التكوين وسنوات ويمكن أن نفهم ما لم تكتبه فاطمة قنديل على أنه ما
الإبداع ،للوقوف على العوامل الفكرية والثقافية التي
ساهمت في تشكيل هذه الموهبة الكبيرة ذات الملامح لم تكتبه الشاعرة في أشعارها من قبل ،وربما لهذا
الإبداعية المميزة .كما يحتاج إلى أن يقف على رؤيتها
السياسية ومواقفها من القضايا العامة ،المحلية السبب اختارت الرواية هذه المرة لتبوح من خلالها
والعالمية ،خاصة أنها كانت تكتب سيرتها في ظل
ظرف تاريخي مصيري على كافة الأصعدة ،سياسيًّا عما سبق وأضمرته في قصائدها السابقة ،فللكاتبة
واقتصاد ًّيا وعلميًّا وبيئيًّا. حياة سرية ظلت مطوية بين السطور ،وقد رأت
ربما أرادت الكاتبة أن تطلعنا على فاطمة قنديل
هذه المرة أنه قد آن الأوان كي تطفو هذه الحياة على
الإنسانة ،وهو جانب مهم ،لكن يظل القارئ
متعط ًشا لأن يقرأ عن قنديل الشاعرة ،وقنديل السطح وتتصدر السطور .فنقرأ« :أسوأ ما يمكن
المفكرة ،وهو جانب لا يقل أهمية ،فدائ ًما هناك أن يحدث بعد موتي هو أن يأخذ الآخرون أقوا ًل
جدلية داخل المبدع بين كونه إنسا ًنا وكونه فنا ًنا، مأثورة مما أكتب ،أن تصير حياتي قو ًل مأثو ًرا،
وقد فطن كتَّاب السيرة الذاتية إلى ذلك فآثر البعض هو ما يصيبني بالغثيان ،أن تصير در ًسا أو عبرة،
أن يجمع بين الجانبين في سيرة واحدة كما فعل هو الجحيم ذاته ،أحاول أن أتجنب هذا المصير وأنا
طه حسين في «الأيام» ،وآثر البعض الآخر أن يفرد
أكتب ،بلغة عارية تما ًما ،لا ترتدي ما يستر عورتها
من المجازات ،لأن الحياة تصير أكثر شب ًقا بعد أن
نموت ،كذئب مسعور ،لا يروي ظمأه إلا الحكايا».
(ص)٦١
والحياة السرية للكاتبة ليست الوقائع المخجلة التي
يبحث عنها القارئ عادة عندما يقدم على قراءة
سيرة ذاتية بطلتها امرأة ،ولكنها الحياة الداخلية