Page 127 - merit 48
P. 127

‫نون النسوة ‪1 2 5‬‬

‫مفردات العالم المعتادة وكأنها تخبرها للمرة الأولى‪.‬‬
      ‫من هذا المنطلق يمكننا أن نقرأ رواية «أقفاص‬

  ‫فارغة»‪ ،‬وتحدي ًدا الفصل الأول الذي يحمل عنوان‬
    ‫«علبة شوكولاتة‪ ..‬صدأت للأسف»‪ .‬فمن خلال‬

  ‫هذا الفصل يمكن أن نمتلك مفتا ًحا نفتح به أبواب‬
 ‫الفصول الثلاثة الأخرى‪ ،‬وحتي نتمكن من تحقيق‬
‫ذلك‪ ،‬لن ننظر إلى علبة الشكولاتة الصدأة باعتبارها‬
 ‫مدعاة للأسف كما وصفتها الكاتبة‪ ،‬وإنما ستكون‬
‫من قبيل الطالع السعيد بالنسبة للقارئ الذي يهوى‬

                         ‫الغوص ما بين السطور‪.‬‬
      ‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن براءة‬
  ‫الكاتبة‪ ،‬كطفلة وككاتبة مبدعة‪ ،‬تجعلنا نتوقف عند‬
   ‫كلمة مفتاحية استخدمتها قنديل أكثر من مرة في‬
 ‫هذا الفصل‪ ،‬وهي «الزهو»‪ ،‬فما دلالتها في المواضع‬
 ‫التى وردت فيها؟ وإلى أي مدى كانت تعكس شيئًا‬
‫ما خفيًّا في نفس الكاتبة أو في طيات الرواية؟ هذا ما‬

        ‫سنحاول أن نجيب عنه في السطور التالية‪.‬‬

    ‫علبة شوكولاتة بطعم الحنين‬

     ‫في مشهد سينمائي استهلالي بارع تبدأ الكاتبة‬
    ‫روايتها من خلال علبة شوكولاتة قديمة تحمل‬

      ‫تاريخ الكاتبة وشيئًا من تاريخ الأسرة‪ ،‬وهو‬
  ‫مدخل مشوق وجذاب لكونه يخلو من الشخوص‬
   ‫والأحداث‪ ،‬ويعتمد على المشهدية من خلال رصد‬

    ‫تفاصيل العلبة ذات الدلالة وأشياء الكاتبة التي‬
   ‫حلت محل الشكولاتة في العلبة‪ ،‬وكأن ما حفظته‬
   ‫فيها من أوراق وأشعار هو بمثابة الامتداد الحلو‬
    ‫لطعم الطفولة‪ ،‬فنقرأ‪« :‬داخل أحد الأدراج‪ ،‬ظلت‬
 ‫علبة «الشكولاتة» طول الوقت في كيس بلاستيكي‪.‬‬
‫حملتها من بيتي القديم مع سائر أشيائي «الثمينة»‪،‬‬
    ‫وضعت بداخلها بضع أوراق‪ ،‬كي أضحك عليها‬
    ‫في شيخوختي‪ ،‬قصائد قديمة كتبتها في الثانية‪،‬‬
  ‫أو الثالثة عشرة‪ ،‬بالقلم الجاف‪ :‬الأحمر‪ ،‬والأزرق‪،‬‬

      ‫والأخضر‪ ،‬على ورق لامع سميك‪ .‬ظللت أفتح‬
      ‫العلبة‪ ،‬من وقت إلى آخر‪ ،‬وكلما فتحتها رأيت‬
   ‫الكلمات المكتوبة تنطمس أكثر فأكثر‪ ،‬لكن الورق‬
 ‫بقى سمي ًكا‪ ،‬ولام ًعا‪ ،‬كما كان! إلا من ثقوب أسنان‬

                                ‫الأقلام»‪( .‬ص‪)٧‬‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132