Page 131 - merit 48
P. 131

‫نون النسوة ‪1 2 9‬‬

                  ‫فقد تخلصت من كل أثاثها القديم‪ ،‬ولم يتبق‬
                      ‫لديها إلا بعض الأوراق والصور‪ ،‬وكان‬
                           ‫عليها أن تكون دقيقة في الاختيار‪،‬‬
                            ‫فتقول‪« :‬قطعت كل صور أخو َّي‬
                                ‫وخطاباتهما‪ ،‬بعنف‪ ،‬أسميته‬
                            ‫ساعتها‪« :‬الكراهية حين تنفجر»‪،‬‬
                                     ‫محوت آثارهما‪ ،‬فعليًّا‪،‬‬
                                    ‫من البيت القديم‪ ،‬كي لا‬
                                  ‫تلاحقني‪ ،‬كي لا تراوغني‬
                                   ‫في بيتي الجديد‪ ،‬وتختبئ‬
                                     ‫في أي شق‪ ،‬وتهاجمني‬
                                       ‫في الليل‪ ،‬ولم أُبق إلا‬
                                       ‫صورة وحيدة لأبي‪،‬‬
                                       ‫وصور عديدة لي مع‬
                                       ‫أمي‪ ،‬حملت ملابسي‬
                                         ‫الصالحة‪ ،‬وكتبي‪،‬‬
                                      ‫سلمت للمالك الجديد‬
                                   ‫المفتاح‪ ،‬وأغلقت الباب إلى‬
                                         ‫الأبد»‪( .‬ص‪)٢٤٩‬‬
                                ‫وبهذا المعني‪ ،‬يمكن أن نفهم‬
                            ‫أقفاص فاطمة قنديل الفارغة إلا‬
                              ‫من الخيبات‪ ،‬بوصفها زنازين‬
                                   ‫خلت من نزلائها‪ ،‬بعد أن‬
                                  ‫حررت قنديل الذاكرة من‬
                                 ‫عبء التذكر‪ ،‬وبات الماضي‬
                                    ‫سجنًا مهجو ًرا‪ ،‬أو كأنه‬
                                  ‫والعدم سواء‪ ،‬فقد «انتهى‬
                                      ‫الأمر‪ ،‬دون ندم‪ ،‬دون‬
                                    ‫ذاكرة‪ ،‬دون حتى مرور‬
                                     ‫عابر أمام شارع البيت‬
                                   ‫القديم‪ ..‬كأن الحياة كلها‬
                                    ‫بدأت هنا‪ ،‬في هذا البيت‪،‬‬
                                      ‫الذي أعيش فيه الآن‪،‬‬
                                    ‫كأن الزمن هناك‪ ،‬أي ًضا‪،‬‬
                                 ‫قد تهدم‪ ،‬وسقطت صخرته‬
                                       ‫الأخيرة»‪( .‬ص‪)٢٥١‬‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136