Page 134 - merit 48
P. 134

‫العـدد ‪48‬‬   ‫‪132‬‬

                                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫‪-‬من حيث ارتدادها على الشخص ذاته‪ -‬عبر مفهوم‬               ‫النهائية بالطب‪ ،‬وأخبرته أنها لا تحبه‪ ،‬ونزعت‬
 ‫(ثنائية الوجدان)‪ ،‬توصلنا إلى الكيفية التي رفضت‬        ‫دبلتها»‪ ،‬وأي ًضا لخيبة الأمل في الوالد من الجنس‬
                                                       ‫المغاير‪ ،‬تقول عن «رمزي»‪« :‬ذكرها بما سببته له‬
    ‫من خلالها «فاطمة» أن تظل في الجانب المفعول‬         ‫من عذاب‪ ،‬ذكرها بتخليها عنه في أزماته العاطفية‬
     ‫به‪ ،‬حتى لا تقع تحت وطأة (عدوان العلاقات)‬          ‫وكأنه ليس ابنها»‪ ،‬ربما يفسر هذا ذات «رمزي»‬
  ‫والقوة المطلقة من وجهة نظرها‪ ،‬وأرادت أن تأخذ‬       ‫المتضخمة كوسيلة دفاعية تجاه التخلي العاطفي من‬
   ‫الشق الفاعل في السلوكيات السادية التي جاءت‬           ‫الأم‪ ،‬و(سادية) الأخ الأكبر «راجي» الذي تركها‬
                                                       ‫دون نقود‪ ،‬وحرمها من إرسال أى خطاب لأمها‪،‬‬
      ‫أو ًل في المرحلة الطفلية على هيئة الخيالات أو‬    ‫هذا غير حبسها انفراد ًّيا‪ ،‬وحين حاولت الانتحار‬
  ‫الاندفاعات المثيرة جنسيًّا‪ ،‬فتقول‪« :‬حين يراودني‬
                                                            ‫قال لها‪« :‬كل ما يهمك عاوزة تموتي؟ موتي‬
      ‫الاشتهاء حتى وإن كان لجسد آخر‪ ،‬تلوح لي‬           ‫بعيد‪ ،‬مش ناقص مصايب»‪ ،‬لنرى بأعيننا صورة‬
    ‫صورة البسطرمة المعلقة‪ /‬ماسيمو الإيطالي هو‬           ‫السادي‪ ،‬الذي لم يكتمل عنده نمو (الأنا الأعلى)‪،‬‬
    ‫فقط صديقي‪ ،‬نختبىء تحت أية كابينة ويقبلني‬           ‫بالتالي غاب عنه وجدان الإثم والنقد الذاتي؛ ولأن‬
   ‫وأقبله على الرمال وأمام البحر‪ /‬أصدقاء رمزي‬        ‫الإحساس بالمعاناة لا ينفصل أب ًدا عن فطنة الكاتبة‪،‬‬
   ‫كانوا يمنحونني متعة إضافية‪ ،‬يغافلونه وينفرد‬       ‫كانت (سادية) الإخوة بمثابة التمهيد للكراهية‪ ،‬مع‬
   ‫بي أحدهم ليقبلني‪ /‬دادة فاطمة كانت تختلي بي‬
                                                         ‫ملاحظة أن شخصيات الرجال الممزقة دالة على‬
      ‫في الظلام وتعرفني على نوع آخر من المتعة»‪،‬‬         ‫استحالة التسامح‪ ،‬فالأب لم يكن يرغب في رؤية‬
  ‫فإذا اعتبرنا (النظارية) سادية‪ ،‬و(الاستعراضية)‬       ‫والده «ولا بد أنه لم يغفر له أب ًدا تعليقه في عامود‬
   ‫مازوخية‪ ،‬يمكننا رؤية المناطق الشبقية كمسارح‬         ‫السرير وضربه بالحزام كى يصير رج ًل»‪ ،‬أي ًضا‬
   ‫عمل في الرواية تجلت في (النظارية) القائمة على‬     ‫الخلاف الدائم بين الأب والأخ الأكبر وقول الأخير‪:‬‬
 ‫التطلع بالنظر إلى ما لدى الذكر‪ ،‬تقول عن أصدقاء‬
  ‫«رمزي»‪« :‬ينفرد بي أحدهم ليقبلني‪ ،‬قبلة طويلة‪،‬‬                       ‫«أنا مش ها سامحك أب ًدا يا بابا»‪.‬‬
                                                           ‫لكن هناك خارج نطاق العائلة رجال اتسموا‬
    ‫تمنحني نشوة طازجة‪ ،‬وتعرفني وأنا أنظر إليه‬           ‫بالسادية التقطتهم عين البطلة‪ ،‬من خلال معاناة‬
  ‫بضرورة أن أغلق عيني‪ ،‬فأغلقهما نصف انغلاقه‪،‬‬               ‫أطفالهم‪ ،‬فالفتى السويدي الجميل «كان أبوه‬
  ‫كى أشاهد عينيه»‪ ،‬و(الاستعراضية) التي تتحقق‬            ‫يضربه بالحزام أبو توكة حديد»‪ ،‬وجارهم الذي‬
 ‫فيها اللذة من خلال استعراض الأعضاء التناسلية‬            ‫كان يعمل سكرتي ًرا في رئاسة الجمهورية كان‬
   ‫وهى في صميمها (مازوخية)‪ ،‬تقول عن «سعد»‪:‬‬
 ‫«الذي تمدد كسلويت إلى جواري عار ًيا وأنا عارية‪،‬‬                             ‫يضرب أطفاله بوحشية‪،‬‬
‫أفرجه على أعضائي»‪ ،‬عظمة الذات‬                                               ‫تقول عنهم‪« :‬دائ ًما نراهم‬
   ‫تتجلى أي ًضا في (الاستعراضية)‬
                                                                               ‫ينظرون إلينا من وراء‬
        ‫عندما تقول «أنا شاعرة»‪.‬‬                                          ‫الشبابيك‪ ،‬كأنهم أسرى لذلك‬
    ‫وجاءت ثانيًا في اللعب كصبي‪،‬‬                                         ‫الأب»‪ ،‬والأستاذ «عبد الرافع»‬
    ‫تقول‪« :‬الأطفال يجتمعون بعد‬
                                                                           ‫كان رعبًا مقي ًما‪ ،‬عنه تقول‪:‬‬
     ‫الدراسة تحت العمارة‪ ،‬نلعب‬                                                ‫«حفلات تعذيب الأستاذ‬
       ‫استغماية‪ ،‬ويلعب الصبيان‬                                                 ‫عبد الرافع كانت مؤلمة‬

  ‫البلي‪ ،‬كنت أحب لعب البلي»‪ ،‬هذا‬                                           ‫ومخيفة»‪ ،‬قلب (العدوانية)‬
  ‫التمرد على هذا الوضع (الأنثوي‬                                           ‫هنا بفعل الخوف هو جوهر‬
‫المازوخي)‪ ،‬تم من خلال ميكانيزم‬
  ‫(التع ُين الذاتي) بسادية الذكور‪،‬‬                                                      ‫(المازوخية)‪.‬‬
                                                                            ‫ولإننا اعتبرنا (المازوخية)‬
    ‫ربما لذلك شربت البيرة (مثل‬                                            ‫امتدا ًدا (للسادية) في الرواية‬
‫الأب)‪ ،‬ودخنت السجائر (مثل مها‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139