Page 137 - merit 48
P. 137
نون النسوة 1 3 5 في الأم بمثالية ناتج عن تعطل النرجسية أي ًضا
(النرجسية المستترة) ،التي اتسمت بها شخصية
خاتمة «فاطمة» وأدت إلى اكتئابها ،تقول« :صار العالم
كله خارج جدران الغرفة وكأنه يتهيأ للانقضاض
«دائ ًما أكون هناك حين يحل الموت»
في رواية :أقفاص فارغة ،سمو (الذات) من خلال علىَّ ،ولم أكن أريد سوى أن ألوذ بالغياب».
فتهديد ذاتية البطلة أفضى إلى ما نسميه (العدوان
فعل الكتابة يعني خفوت (الآخر)؛ ولأن الإبداع
وجود فاعل ضد الموت ،تجلت الكتابة ذات الطابع النرجسي الانتحاري) الموجه نحو الذات،
النرجسية هنا أفضت إلى (الاكتئاب) حيث التوحد
(التعويضي) التي ُترضي الكاتبة عند مواجهة النرجسي مع الموضوع المفقود (الأم) الذي ترتب
واقعية الذاكرة -التي سعت إلى تجاوزها-
عليه الشعور الداخلي بالخواء و(القلق) ،تقول:
فأصبحت الحكاية رؤيتها ،والحكي غايتها وكل «غفوت قلي ًل ،وصحوت بعدها ،ذهب الرعب ،لكن
الشخوص وسائل في خدمة الحكي. جسدي كان منه ًكا ،كأنني كنت أجري فعليًّا ،كأن
شيئًا حقيقيًّا كان يجري ورائي ويلاحقني»،
(عدوان العلاقات) في الرواية اتخذ شكل السلوك مع الشعور بالاستحقاق ،يقول لها «راجي»:
الخداعي الذي يتضمن (الاغتراب الاجتماعي) في «إن ِت هنا وسط حمير مفكرينك حاجة ،بس
ان ِت ولا حاجة» .فالبطلة النرجسية تغرق
شخصية الأخ الأكبر «راجي» ،الذي كان غيابه
وسيلته في الاحتجاج ،وكأنه يستعيد مكانته كمركز في الاكتئاب لأنها تدرك في ذاتها الكمال
الذي لا تراه منعك ًسا في عيون الآخرين،
للأسرة كلها حين يختفي ،ويتوهم الجميع موته، لذا يكون رد الفعل انتقاميًّا ،مع ملاحظة
ولا شك أنه وجد في خياله صور الحزن والحنين
لديهم جمي ًعا ،ثم انعزاله مجد ًدا بعد العودة؛ لأن أن أولى مكونات النرجسية في الاكتئاب
استندت إلى شعور البطلة بالذنب ،تقول بعد موت
شعوره بالعظمة أفسد عليه علاقاته بالآخرين، أبيها« :أنا كنت بادعي عليه يموت كل يوم يا ماما،
فينتهي به الحال إلى الوحدة النفسية والبقاء في دار مش يمكن أكون أنا اللى موتته؟» ،وسيادة مشاعر
المسنين وصو ًل إلى التلاشي التام. الخزي في حياته ،تقول« :كان سكرا ًنا هاب ًطا
وش َّكل (الإقصاء الاجتماعي) لكل من يخالف أو يتطوح من المترو ،ينادي عليَّ بصوت ممطوط،
يتحدى في شخصية الأخ الثاني «رمزي» ،الذي لكنني أسرعت وتجاهلته تما ًما ،لتبقى تلك اللحظة
عانى قصور ما في تكوين علاقات تقوم على المودة، عم ًرا بكامله ،وحتى الآن لا يمكنني نسيانها».
واعتمد فقط على العلاقات التي تخدم مصالحه،
ربما يفسر ذلك ميله إلى العزلة العاطفية ،ولعب دور فإذا نظرنا إلى «راجي» الأخ الأكبر ،نجد لغة
الضحية كوسيلة لكسب الصراعات ،واتجاهه إلى (النرجسية المتعجرفة) ،التي اتضحت في تجنب
السلبية في مواجهة التحديات والميل إلى الهروب من القرب المكاني ،وتفضيل مراقبة الأحداث دون
تحمل المسؤولية ،فكل إنجاز يحققه ينقصه شىء. المشاركة فيها ،ولغة (النرجسية العدائية) لدى
(عدوان العلاقات) أدى أي ًضا إلى الحرمان العاطفي
الذي كان سببًا لجرح نرجسية الأم «سعاد» وابنتها «رمزي» التي اتضحت في إضفاء المثالية على
«فاطمة» ،وساهم في سيادة (الاكتئاب) وصو ًل إلى تصرفاته والمبادرة للهجوم إذا شعر بالتحدي،
محاولات الانتحار ،كأن مكانة العلاقة الأمومية هى فنراه يفتقر إلى التفهم العاطفي لمشاعر الآخرين.
ولأن (النرجسية) تكشف لنا المضامين الانفعالية
التي شكلت نرجسية الابنة. داخل الرواية ،فهناك أي ًضا (نرجسية النص)
أوضحت لنا أحداث الرواية النرجسية (اللاتكيفية)، التي ساهمت في الثأر من ردود أفعال الإخوه،
وتضخيم (الأنا المثالية) لتتعالى فوق الاضطهاد.
في شخصية الأب «غريب» الذي بعد ضياع حلمه
في الالتحاق بكلية الهندسة اضطر أن يعمل ويعول
والده وإخوته ،تقول عنه« :كان بابا لا يحب
الاختلاط بالناس» ،وشخصية الابن الأكبر «راجي»
فاقد التعاطف مع حساسيته الشديدة للنقد ،فكان