Page 135 - merit 48
P. 135

‫إذا نظرنا إلى (السادية) باعتبارها‬                 ‫جاك لاكان‬
    ‫الحاجة النفسية إلى إيلام الآخر‪،‬‬
   ‫نجد أن الإيلام الجسدي هو الذي‬
    ‫تم مع الشخصيات النسائية في‬
      ‫الرواية‪ ،‬وكأن مرض السرطان‬
     ‫الذي أهلك نسوة الرواية وجود‬
        ‫ذكري سادي أي ًضا‪ ،‬ثم الإيلام‬

  ‫المعنوي الذي تم من خلال كتابة‬
      ‫المذكرات والانتقام عبر اللغة‪،‬‬

‫وصوًل إلى مقاطعة إخوتها "راجي"‪،‬‬
            ‫و"رمزي"‪ ‬من‪ ‬خلال‪ ‬التخلي‪.‬‬

‫تقول‪« :‬اخترت اسم شهرة حذفت منه اسم أبي» لا‬             ‫حبيبة رمزي)‪ ،‬مع ضرورة الإشارة إلى أن هذا‬
   ‫غرابة في ذلك؛ ولأنها تملك الكلم‪ ،‬فأفضل وسيلة‬     ‫(التعين الذاتي) الخيالي ينتج عنه بزوغ الأنا المثالي‪،‬‬
  ‫للانتقام هي فضحهم من خلال (كتابة المذكرات)‬        ‫فالمعاناة هى الطريق الأمثل للانفعال (الهيستيري)‬

‫‪-‬يمكنني هنا تخيل ابتهاج الكاتبة من خلال الانتقام‬         ‫حيث كتابة الشعر والإطلاع على عيون الأدب‬
       ‫اللغوي‪ ،-‬مع ملاحظة أنها قد تكون مبالغة‪.‬‬           ‫الروسي‪ ،‬والاستماع لأهم السيمفونيات أو ًل‪،‬‬
                                                     ‫والتوجه إلى تمجيد المزاج خاصة في العلاقة بالأم‬
‫فإذا نظرنا إلى (السادية) باعتبارها الحاجة النفسية‬   ‫ثانيًا ‪-‬هذه الأم التي كانت تكتب سيرتها أي ًضا من‬
 ‫إلى إيلام الآخر‪ ،‬نجد أن الإيلام الجسدي هو الذي‬       ‫أجل الابتهاج الباطني‪ -‬تقول‪« :‬في بداية مرضها‬
                                                        ‫بدأت تكتب رواية عن حياتها‪ ،‬ربما كي تتحرر‬
     ‫تم مع الشخصيات النسائية في الرواية‪ ،‬وكأن‬         ‫منها‪ ،‬كما أفعل أنا تما ًما الآن»‪ ،‬فالمعاناة من سوء‬
   ‫مرض السرطان الذي أهلك نسوة الرواية وجود‬             ‫الأحوال‪ ،‬والتفاني في خدمة الأم المريضة يمكننا‬
‫ذكري سادي أي ًضا‪ ،‬ثم الإيلام المعنوي الذي تم من‬         ‫اعتبارها مؤشرات على (تمكين الذات) الذي تم‬
  ‫خلال كتابة المذكرات والانتقام عبر اللغة‪ ،‬وصو ًل‬        ‫بمجرد موت الأم‪ ،‬كأن الكتابة كتفريغ للطاقة‬
  ‫إلى مقاطعة إخوتها «راجي»‪ ،‬و»رمزي» من خلال‬           ‫تسعى إلى كسر التتابع الرمزي للمعاناة بلحظات‬
‫التخلي‪ ،‬تقول‪« :‬قطعت كل صور أخو َّى وخطاباتهما‪:‬‬      ‫المتعة المؤقتة‪ ،‬وبمجرد نجاح (التع ُين الذاتي) يظهر‬
‫الكراهية حين تتفجر»‪ ،‬ثم الاندماج في تيار (الانتقام‬      ‫ميكانيزم (الإسقاط)‪ ،‬خاصة مع تكرار المعاناة‬
                                                        ‫النفسية‪ ،‬والحرمان من الترابط الأسري‪ ،‬تقول‬
     ‫السادي) الموجه نحوهم بتسليم الشقة للمالك‪،‬‬        ‫عندما طليت أرض البيت كلها بفينيل أزرق‪« :‬بدا‬
‫وتغيير أرقام الهاتف‪ ،‬تقول‪« :‬انتهى الأمر دون ندم‪،‬‬
                                                                ‫اللون أزرق داكنًا‪ ،‬كأنه كدمة تتسع»‪.‬‬
                                   ‫دون ذاكرة»‪.‬‬             ‫وجاءت ثالثًا من خلال استحضار «فاطمة»‬
    ‫ولأن (المازوخية) المعنوية تخدم (غرائز الموت)‪،‬‬       ‫(السادية الكامنة) في تركيبتها‪ ،‬ليظهر السلوك‬
                                                        ‫العدواني الانتقامي (الرمزي) عن طريق اللغة‪،‬‬
      ‫قامت «فاطمة» بنفي أقطاب المعاناة‪ :‬نفي الأب‬
  ‫بموته‪ ،‬نفي الأخ الأكبر بغيابه‪ ،‬نفي الأخ الأصغر‬
  ‫بهروبه من تحمل المسؤولية‪ ،‬نفي الأم بعد إسقاط‬

     ‫الانتقام اللاشعوري عليها من خلال الموت بعد‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140