Page 187 - merit 48
P. 187

‫حول العالم ‪1 8 5‬‬

 ‫فهي مع ذلك ليست مؤرخ ًة‪،‬‬           ‫القصصية التي اضطلعت‬              ‫حياة توماس كرومويل‬
       ‫فالمعنى أن تكون مل ًّما‬  ‫بالعمل بها في سن العشرين‪.‬‬            ‫مستشار ووزير هنري‬
                                                                    ‫الثامن‪ .‬لقد اخترت الفعل‬
 ‫بالأحداث وليس بالضرورة‬              ‫لم تكشف مانتل في تلك‬           ‫«يقتفي» بعناي ٍة‪ ،‬وتصف‬
           ‫أن تكون محاي ًدا‪.‬‬            ‫الآونة عن تطلعاتها‪:‬‬       ‫مانتل نفسها كروائية بأنها‬
                                                                ‫تتجه حيث توجه شخصياتها‬
‫إن ما تقدمه هو التاريخ‪ ،‬ذلك‬     ‫‪ -‬هذا هو الكتاب الذي أردت‬          ‫– قصر الذئاب كعنوان لا‬
    ‫ما يبدو من وجهات نظر‬        ‫كتابته‪ ،‬ولم أدر في ذلك الحين‬     ‫يقف حيث يبدأ الكتاب ولكن‬
               ‫شخصياتها‪.‬‬
                                      ‫أن بداخلي كتبًا أخرى‪.‬‬                    ‫حيث ينتهي‪.‬‬
 ‫فهي ككاتبة‪ ،‬مقبول منها أن‬            ‫«شك ًرا لله على كتاباتها‬     ‫بينما تحدث حركة «قصر‬
‫تناصر أفرا ًدا‪ ،‬وليس ذلك في‬                                         ‫الذئاب» في الماضي‪ ،‬فإن‬
                                                  ‫الحديثة»‪.‬‬     ‫الكثير من هذا الماضي لم ُتفك‬
     ‫كتابة التاريخ الصريح‪.‬‬          ‫تتحدث هيلاري مانتل في‬        ‫رموزه لشخصيات الرواية‪.‬‬
     ‫إنها تشعر أنها مضطرة‬                                         ‫وتبين مانتل أنها تهدف إلى‬
                                       ‫كنيسة ديبنهام قائل ًة‪:‬‬    ‫الكتابة مع هذه الشخصيات‬
        ‫للدقة ككاتبة وليست‬        ‫‪ -‬كل رواية تستغرق وقتًا‬           ‫مشيرة إلى الأمام مقتفي ًة‬
          ‫مضطر ًة للحيادية‪.‬‬                                         ‫حياتهم إذ يرتحلون نحو‬
                                     ‫لكتابتها‪ ،‬لكن لكي تكتب‬         ‫مصيرهم المستقبلي أكثر‬
      ‫إن مقدرتها على تقديم‬        ‫رواي ًة تاريخي ًة فإنها تكون‬     ‫من كونها ُتملي عليهم هذا‬
   ‫الحقائق من وجهات النظر‬        ‫عملية طويلة‪ ،‬لقد استغرقت‬
   ‫الخاصة جزء مما يجعلها‬          ‫قصر الذئاب ما بين خمس‬                            ‫المصير‪.‬‬
                                                                   ‫هذه ثالث رواية تاريخية‪،‬‬
      ‫تلتقط أنفاسها ككاتبة‪.‬‬          ‫إلى ست سنوات لتتم ما‬         ‫تتمة لرواية «قصر الذئاب»‬
  ‫يتضح من كلمة مانتل التي‬        ‫بين البحوث الواقعية وخلق‬
   ‫ألقتها في الاحتفال تحيزها‬                                           ‫التي تعمل عليها الآن‬
‫للكذب مع ولسي وكرومويل‪.‬‬                             ‫الخيال‪.‬‬            ‫وستكون الرابعة لها‪.‬‬
 ‫فهي تصف ولسي بـ»الولد‬             ‫القضية‪ :‬كيف تكون قصة‬           ‫رغم أن مانتل كتبت رواي ًة‬
   ‫المحلي» من سوفولك كولد‬           ‫تاريخية دقيقة في تمثلها‬      ‫وقصص قصيرة معاصر ًة‪،‬‬
                                                                   ‫بل وحتى المذكرات‪ ،‬وقد‬
      ‫معجزة لتألقه الفكري‪.‬‬            ‫لحقائق الماضي المثيرة‬       ‫كتبت روايتها الأولى في‬
‫لقد نال شهادة البكالوريوس‬                           ‫للجدل‪.‬‬        ‫سن الثانية والعشرين‬
                                                                    ‫في عام تخرجها من‬
       ‫من أكسفورد في سن‬         ‫هل يكفي الشعور العام بهذه‬            ‫الجامعة‪ ،‬ألا وهي‬
     ‫الخامسة عشرة وعرف‬                              ‫الفترة؟‬          ‫«مكان أكثر أمنًا»‬
 ‫بـ»فتى البكالوريوس»‪ ،‬ولم‬                                       ‫والتي تطلق عليها‬
 ‫يكن باه ًرا فحسب‪ ،‬بل باحثًا‬        ‫أم يجب أن تصير جميع‬         ‫«كتاب الثورة‬
    ‫طمو ًحا أي ًضا‪ ،‬وقد كانت‬     ‫الجوانب دقيق ًة قدر الإمكان‪.‬‬     ‫الفرنسية»‪.‬‬
  ‫الكنيسة فحسب هي القناة‬         ‫إن الكتَّاب مثل القراء في هذا‬    ‫لم تكن تلك‬
  ‫المتاحة له والتي مارس من‬                                        ‫هي أول ما‬
                                    ‫الجنس الأدبي لهم رؤى‬        ‫َن َش َرت‪ ،‬لكنها‬
       ‫خلالها حياته العملية‪.‬‬      ‫متعددة‪ ،‬تؤكد مانتل نفسها‬      ‫أولى كتاباتها‬
  ‫«لم يطمح ولسي أن يصبح‬         ‫بأن جميع التفاصيل يجب أن‬

   ‫كاردينا ًل فحسب‪ ،‬بل على‬          ‫تكون صحيح ًة‪ُ ،‬تضيف‪:‬‬
 ‫الأقل بابا‪ ،‬وقد كان في واقع‬       ‫‪ -‬ليست كل دقائق الأمور‬
  ‫الأمر الملك الثاني لإنجلترا‪،‬‬      ‫يجب ز َّجها في الصفحات‬
                                 ‫فتسعين في المائة من البحث‬
    ‫قبل سقوطه من السلطة‪.‬‬        ‫يذهب دونما استخدام‪ ،‬بل ما‬
   ‫لقد جاءت شخصيته بقو ٍة‬        ‫يدخل إلى الكتاب فحسب هو‬

     ‫إلى مانتل‪ ،‬حتى أنه كان‬              ‫«غيض من فيض»‪.‬‬
                                   ‫بينما مانتل تتحرى الدقة‪،‬‬
   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192