Page 271 - merit 48
P. 271
269 ثقافات وفنون
حوار
العيلة ،ولا يزال الصعيد يدافع التواصل ،ومحاولا ِت التنمية.. إبداعيًّا؛ إقامتك في أقصى
عن شيخ الأزهر لأنه رجل طيب السبب هو فقر الصعيد من جنوب مصر ،في محافظة
و(متر ِّبي) وابن أصول ،وليس قنا ،حيث درجة الحرارة
لأنه ناجح في عمله ..لم تساعدني الخدمات الثقافية والإعلامية ،تلك مرتفعة ج ًّدا ،والخدمات
الإقامة في الصعيد في إنجاز أي الخدمات التي تحتكرها القاهرة، ليست في أفضل حال؟ ولماذا
شيء ،منحتني فقط مساحا ٍت أكبر مع ضعف كل الوسائل الأخرى لم تفكر في النزوح شما ًل
ككثيرين سبقوك وجاءوا
للرصد والتأمل. في الصعيد كالقنوات الإقليمية
والصحف وما إلى ذلك. بعدك؟
لك تجربة مختلفة في التعليم
الجامعي قرأت بعضها ..ما فكر ُت في النزوح شما ًل ،لكن كل صعوبة أو فقر أو عجز
الذي ع َّطل مسيرتك التعليمية ظرفي الاجتماعي وق َتها لم يكن موجود في جنوب مصر يم ِكن
للكاتب أو المثقف أن يتعامل معه،
رغم أنك متفوق في اللغة يسمح ،كان أبي يعمل خارج أو أن يحاول التغلب عليه ،ما عدا
العربية ،وكنت طالبًا في كلية البلاد ،وأنا اب ٌن وحيد لأ ٍم لا تقرأ فقر الخدمات الثقافية والإعلامية،
تد ِّرس اللغة العربية؟ وكيف ولا تكتب ،كان قرار سفري وقتها الأمر الذي تظل طيلة حياتك تدفع
ثمنه غاليًا ،لا سيما عندما تدرك
تقيِّم حال التعليم في مصر قرا ًرا بإعلان العقوق ،وهو ما أن الخدمات الثقافية والإعلامية
بشكل عام :الأساسي والفني لم أكن قاد ًرا على اتخاذه ..بعد ليست مجرد أجهزة أو هيئات
ذلك بسنوات كانت الأمور قد
والجامعي؟ تغيرت ،ولم تعد الفرص متاح ًة ومؤسسات ،لكنها تلك التي
كما كانت من قبل للنازحين إلى تتحول بمرور الوقت إلى منا ٍخ
لا شيء أكثر من إهمالي الشمال ،كان ثمة إحساس يتزايد يشكل الرأي العام في المنطقة التي
وتقصيري ،ونزق الشباب بالدور والرسالة ،بالرغبة في تعيش فيها ..ومن ثم تستطيع أن
وطيشه ،أظن ظنًّا أن العقلية التي تغيير المحيط ،وهو الرهان الذي تفهم لماذا يظل الصعيد صعي ًدا في
كانت تد ِّرس لي تتحمل جز ًءا ،لأنها خسرته خسارة فادحة أمام ثقافة فقره وعاداته وتقاليده المجتمعية
عقلية لم تستطع احتضان النزق المعاندة وتجذر السلفية ،وحنين البالية ،رغم التعليم وتقدم وسائل
والطيش في س ٍن كهذه ،والكلية مجتمعاتنا الدائم إلى الماضوية،
التي كنت أدرس فيها تمتلك لا يزال الصعيد رغم كل التقدم
ُسمعة سيئة
في تاريخ التكنولوجي والمعرفي يحل
الحريات ،ولا مشكلاته في الد َّوار والمندرة وبيت
أحد يرسب
فيها أو يفشل
إلا الذين
يغيبون تما ًما
عن الدرس ،أو
الذين يقفون
ضد تيارها
واتجاهها،
وربما رأوني