Page 273 - merit 48
P. 273
فكر ُت في النزوح شماًل ،لكن ظرفي
الاجتماعي وقَتها لم يكن يسمح ،كان
أبي يعمل خارج البلاد ،وأنا اب ٌن وحيد
لأ ٍم لا تقرأ ولا تكتب ،كان قرار سفري
وقتها قراًرا بإعلان العقوق ،وهو
ما لم أكن قادًرا على اتخاذه ..بعد
ذلك بسنوات كانت الأمور قد تغيرت،
ولم تعد الفرص متاح ًة كما كانت
من قبل للنازحين إلى الشمال ،كان
ثمة إحساس يتزايد بالدور والرسالة،
بالرغبة في تغيير المحيط.
وأش ِرف على الأمسيات لكنني أنا واح ٌد ممن لا ينتقد مؤسسته من أن عملك كمدير للثقافة
لا أشارك فيما أقيمه أو أش ِرف التي يعمل فيها فقط ،لكنني أنتقد العامة في فرع قنا وإشرافك
عليه ..ألا يثير هذا حفيظة البعض
نفسي وكتاباتي وممارساتي، على ندوات كثيرة يشارك
الذين لا يريدون شيئًا إلا أن وأمتلك الشجاعة في أن أؤكد فيها كثيرون ممن يحيطون
تكون مثلهم ،بينما تبحث أنت عن دائ ًما أن الزيف والتدليس ليسا
قص ًرا على المؤسسة ،لكنه يطال بك ..لماذا أنت طرف في
أن تكون نفسك ،أن تكون شيئًا أعدا ًدا كبيرة ممن ُيحس َبون على معارك ثقافية وفي مرمى
مختل ًفا ..وما دم َت ُمص ًرا على ذلك الحركة الإبداعية والثقافية..
ليس هذا فقط ،بل أزعم أنني نيران كثيرين منهم؟
ف ِمن الطبيعي أن تكون عرض ًة أمتلك القدرة على كتابة ما يقوله
للطعن والقيل والقال ،وهو ما لا الناس عني كموظف ،وما دمت هذا سؤال تصعب إجابتي
ألتفت إليه إلا مبتس ًما ،لاسيما إذا أمتلك هذه القدرة ف ِمن الطبيعي المباشرة عنه الآن ،فأنا حي
أن أنتقد الآخر ثقافيًّا ،وهو ما والآخرون أحياء ،وفي الإجابة عن
كنت ُملِ ًما بالدوافع والأسباب. لم يتعود عليه عدد كبير من سؤا ٍل كهذا حر ٌج ،بل ف ْضح لكثير
الأدباء والمثقفين الذين يرون في من الوجوه وكثير من الممارسات،
هذان السؤالان فرصة لأقف الصمت أو المهادنة آلية من آليات لكن يو ًما ما سيقرأ الناس عن
على تقييمك للحركة الأدبية التعايش السلمي من أجل فكرة كثير مما لم يكونوا يدركونه في
والثقافية في جنوب مصر.. تقاطع المصالح التي تحكم طبيعة
هل ثمة ملامح خاصة العمل الثقافي في بلادنا ..وما الذي وقتِه.
للإبداع ترتبط بالبيئة؟ أم تريده أكثر من أنني أقيم الندوات لكن يمكن القول الآن إنني أحاول
أن وسائل الاتصال محت ألا أكتفي بعملي الوظيفي ،لكنني
الفروق الثقافية والحضارية
أمارس فعلي الثقافي والنقدي،