Page 275 - merit 48
P. 275

‫‪273‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫حوار‬

                                                                          ‫وقته وتاريخه‪ ،‬وأنه من المستحيل‬
                                                                            ‫أن يكون صال ًحا كله لكل زما ٍن‬
                                                                              ‫ومكان‪ ،‬والمشكلة التي تواجه‬
                                                                             ‫الباحث الجاد والحقيقي أنه لا‬
                                                                           ‫يستطيع أن يتعرض وهو يسائل‬
                                                                             ‫التراث لكل أسئلته وإشكالياته‬
                                                                              ‫بسبب آلة القهر والقمع التي‬
                                                                              ‫يشهرها كل َمن ه َّب ود َّب في‬
                                                                             ‫مجتمعاتنا العربية في وجه أي‬
                                                                                                  ‫باحث‪.‬‬

‫محمد شحرور‬  ‫عبد الصبور شاهين‬        ‫عبد الرحيم منصور‬                           ‫هل تعتقد أنك –كمثقف‬
                                                                                ‫مصري يعيش في هذه‬
   ‫المجتهدون المعاصرون في‬                ‫التي تهدد بالتأكيد مصالح‬           ‫الفترة‪ -‬تستطيع أن تكتب‬
 ‫مجال تنقية الخطاب الديني‬             ‫المنتمين للسلطتين الغاشمتين‪..‬‬           ‫كل ما تريد كتابته؟ ولو‬
‫‪-‬منذ محمد عبده حتى محمد‬               ‫ولا أظن أن هذا يمكن أن يزول‬         ‫كانت الإجابة بـ(لا)‪ ،‬فما هي‬
 ‫داود‪ -‬يسخرون أحيا ًنا من‬           ‫بسرعة‪ ،‬سيستمر الوضع طوي ًل‬             ‫الأسباب التي تمنعك وتمنع‬
 ‫آراء بعضهم بع ًضا‪ ،‬لدرجة‬           ‫بسبب استعذاب مجتمعاتنا لحالة‬          ‫آخرين؟ وهل تتوقع أن هذه‬
 ‫أن محمد داود –مث ًل‪ -‬يرى‬            ‫الدروشة‪ ،‬وبسبب تفشي الحس‬              ‫الأسباب يمكن أن تزول في‬
‫أن طه حسين لم يقدم شيئًا‪،‬‬              ‫الديني في العقل الجمعي الذي‬
                                      ‫يؤكد لأصحابه أن ما يعيشونه‬                      ‫المدى القصير؟‬
    ‫بل إنه ساهم في ترسيخ‬            ‫هو إرادة الله‪ ،‬وما دام الله لم ي ِرد‬
  ‫الخطاب الحالي! كيف ترى‬             ‫بع ُد تغيي ًرا فهذا ق َدره وقضاؤه‪،‬‬       ‫بالتأكيد (لا)‪ ،‬وهي (لا) قوية‬
                                      ‫وبسبب قدرة السلطتين المشار‬            ‫مدوية تشكل وحدها ملم ًحا من‬
            ‫هذا الاختلاف؟‬           ‫إليهما على الحرص على استمرار‬           ‫ملامح حياتنا العربية المعاصرة‪،‬‬
                                                                            ‫تمثل صرخة الضمير الإنساني‬
     ‫منذ مجيء الحملة الفرنسية‪،‬‬          ‫الأوضاع كما هي‪ ،‬وبخاصة‬
     ‫والتفات العقل العربي لأفكار‬      ‫في التعليم الذي يتخرج منه كل‬             ‫المصري والعربي القادر على‬
                                     ‫عام ملايين من النسخ التقليدية‬          ‫الصراخ‪ ..‬أ َّما الأسباب فتبدأ من‬
        ‫النهضة‪ ،‬بدأت مشروعات‬          ‫المكررة‪ ،‬ليس فقط من الحمقى‬             ‫تصورات العرب المسلمين أنهم‬
 ‫التنوير التي نهض بها مخلصون‬        ‫والمغفلين‪ ،‬ولكن أي ًضا من الطغاة‬
 ‫ومثقفون حقيقيون‪ ،‬ق َّدموا منج ًزا‬                                             ‫وكلاء الله في الأرض‪ ،‬فكيف‬
 ‫لا بأس به‪ ،‬يمكن القول إن معظم‬                         ‫والمستبدين‪.‬‬         ‫يمكنني أن أقول كل ما أريد؟ هل‬
   ‫هذه المشروعات فشلت لأسباب‬                                                ‫يمكن لمؤل ٍف الآن أن يطبع كتا ًبا‬

                                                                             ‫بعنوان «لماذا أنا ملحد؟» مثلا؟‬
                                                                            ‫من الأسباب المهمة غياب مفهوم‬

                                                                                ‫الحريات غيا ًبا تا ًّما وكام ًل‪،‬‬
                                                                               ‫مع تحالف السلطتين الدينية‬
                                                                             ‫والسياسية لقمع كل محاولات‬
                                                                           ‫التعبير عن الرغبة في هذه الحرية‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280