Page 276 - merit 48
P. 276

‫معاصرين حول هذا الأمر‪..‬‬                                        ‫العـدد ‪48‬‬                          ‫‪274‬‬
‫ما الذي يمكن أن تقوله هنا؟‬
                                                                             ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬       ‫كثيرة لعل أهمها ما سبق أن‬
    ‫لا توجد مشكلة تعبِّر عن أزمة‬                                                          ‫أشرنا إليها من تحالف العسكر مع‬
   ‫الثقافة والعقل العربي ْين تعبي ًرا‬  ‫أبو زيد واح ٌد من أهم المشروعات‬
  ‫صاد ًقا ومباش ًرا ودا ًّل‪ ،‬كمشكلة‬         ‫في هذا الصدد‪ ،‬ليس فقط بما‬                      ‫رجال الدين‪ ،‬لكن المأساة اكتملت‬
 ‫المرأة التي مهما زعمنا أنها قطعت‬            ‫يتميز به من حيوية أفكاره‬                     ‫في زماننا هذا المعاصر عندما خرج‬
‫مساحا ٍت كبيرة نحو حلها إلا أنها‬
 ‫لا تلبث وأن تعود إلى الوراء مرة‬        ‫ومفاهيمه‪ ،‬ولكن لأنه أثناء تناوله‬                     ‫علينا نف ٌر هم أقرب إلى التجارة‬
                                         ‫لكل مشروعات النهضة العربية‬                          ‫بأفكار النهضة والتنوير من أن‬
      ‫أخرى لنبدأ معها من جديد!‬         ‫التي سبقته أو التي عاصرها‪ ،‬كان‬                         ‫يكونوا حقيقيين‪ ،‬ولعل هذا ما‬
    ‫وأي محاولة للزعم أن مشكلة‬           ‫يناقش ويفند ويختلف وهو ينتج‬                       ‫التفت إليه بلال فضل عندما أطلق‬
   ‫المرأة غير متعلقة بفهم الخطاب‬          ‫مناقشته وتفنيده إنتا ًجا علميًّا‪،‬‬                  ‫عليهم اسم «أونطجية التنوير»‬
   ‫الديني‪ ،‬وأنها مشكلة اجتماعية‪،‬‬         ‫لم يحدث قط أن سخر من أحد‪،‬‬                          ‫وهو مح ٌّق تما ًما‪ ،‬هؤلاء الذين لا‬
  ‫هو زع ٌم باطل يزيد الأمر تعقي ًدا‬      ‫ولا أقصى خطا ًبا‪ ،‬بل كان علميًّا‬                    ‫يفهمون النهضة ولا التنوير إلا‬
   ‫ويضع إشكاليا ٍت جديدة‪ ،‬نعم‪..‬‬        ‫حتى في مناقشاته لأفكار خصومه‬                        ‫بمعنى مهاجمة الدين‪ ،‬والسخرية‬
 ‫لا أمل في حل كل قضايا المرأة إلا‬                                                           ‫من الأنبياء‪ ..‬دون أي التفات إلى‬
  ‫بقراء ٍة جديدة ومغايرة للخطاب‬             ‫وأطروحاتهم التي نالت منه‪.‬‬                        ‫الدين باعتباره مكو ًنا حضار ًّيا‬
   ‫الديني ق ْبل الخطاب الاجتماعي‬                                                           ‫وركنًا أساسيًّا من أركان النهضة‬
                                          ‫لك رأي واضح في وضع‬
         ‫الذي يستمد مشروعيته‬              ‫المرأة المصرية في المجتمع‬                            ‫والتنوير‪ ..‬على الجانب الآخر‬
  ‫وتصوراته من الخطاب الديني‪..‬‬             ‫المصري خاصة والعربي‬                               ‫أكاد أجزم أن أهم مشكلة تواجه‬
‫والخطاب الديني فيما يخص المرأة‬          ‫بشكل عام‪ ،‬وتأثير المناخات‬
   ‫لا يحتاج إلى تنوير ولا إضاءة‪،‬‬                                                              ‫مشروعات التنوير وخطاباتها‬
                                              ‫الثقافية والحضارية‬                          ‫الآن هي مشكلة تطرف أصحابها‪،‬‬
      ‫بل يحتاج إلى نس ٍف كامل‪..‬‬           ‫والتعليمية‪ ..‬والدينية من‬
    ‫وهو ما صنعه الدكتور محمد‬            ‫قبل ومن بعد‪ ..‬على مكانتها‬                           ‫سوا ٌء أكان هذا التطرف سخري ًة‬
 ‫شحرور في أكثر من كتاب تناول‬              ‫الآن‪ ،‬كما أن لك إطلالات‬                             ‫كما في سؤالك‪ ،‬أم كان إقصاء‬
     ‫فيه قضايا المرأة وإشكالياتها‬      ‫على آراء شيوخ ومستنيرين‬
   ‫الدينية والفقهية‪ ،‬يمكننا بالفعل‬                                                         ‫لخطابات أخرى‪ ،‬أم كان تعري ًضا‬
   ‫أن نختلف معه حول الذائقة أو‬                                                              ‫أم غير ذلك من أساليب وآليات‪.‬‬
‫المنهج البياني الذي اتكأ عليه‪ ،‬لكنه‬                                                        ‫ولقد أظن أن مشروع نصر حامد‬
   ‫رغم ذلك وضع أس ًسا وقواعد‬
   ‫يمكن الانطلاق منها والتكريس‬
‫لها‪ .‬أ َّما ما دون ذلك من ممارسات‬
   ‫حكومية أو أهلية تعنى بتمكين‬
   ‫المرأة‪ ،‬وافتتاح مشروعات المرأة‬
 ‫العاملة والمعيلة‪ ،‬واحتفالات اليوم‬
  ‫العالمي للمرأة‪ ..‬فكل ذلك ضح ٌك‬
   ‫على الذقون‪ ،‬وأحيا ًنا هو ضح ٌك‬

                ‫بالذقون نفسها!‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281