Page 92 - merit 48
P. 92

‫العـدد ‪48‬‬            ‫‪90‬‬

                                                         ‫ديسمبر ‪٢٠٢2‬‬

   ‫ليلة معه نائمة عارية في حضنه لتقول له ال َّسبب‬              ‫قديمة تفوح منها رائحة البنزين‪ ،‬وأشعل لها‬
 ‫بإجابة على سؤال لم يطرحه‪« :‬بح ّب حضنك‪ ..‬كلّه‬
 ‫حنان»‪ ،‬ليكتشف‪ ،‬وهو في الستينات من عمره‪ ،‬أ َّن‬             ‫سيجارتها بعد أن تناول هو سيجارة من العلبة‪.‬‬
 ‫الحنان ليس بالكلام أي ًضا‪ ..‬ممكن لإيماءة جسد َّية‬
                                                         ‫لاحظ شفتيها‪ ،‬ولاحظ صدرها الناهض الناهد الذي‬
             ‫أن تكون أكثر من جملة حنان طويلة‪.‬‬             ‫يكاد يخترق البلوزة ال ُّشتو َّية وال ِّصديري ال ُّصوفي‬
                                                                                    ‫الذي يحيط بالبلوزة‪.‬‬
                 ‫هو‪4 -‬‬
                ‫يستدعيها‬                                              ‫يومها‪..‬‬

                ‫عارفه ليه خفت من ال َّزواج بيكي؟‬                        ‫هو‪2 -‬‬
              ‫تقول له‪ :‬عشان إنت جبان وخ َّواف‪.‬‬
             ‫خ َّواف‪ ..‬بخاف أغيَّر نمط حياتي اللي‬           ‫لاحظ أ َّن يدها ترتعش وهي تميل تجاهه لتشعل‬
                                                         ‫ال ّسيجارة‪ .‬همس لها قائ ًل خ ِّل العلبة معاكي‪ .‬معايا‬
                                 ‫اتع ِّودت عليه‪..‬‬
                          ‫تنهمر دموعها بصمت‪.‬‬                ‫علبة احتياطي‪ .‬ه َّزت رأسها رافضة وهي تسعل‬
              ‫ممكن تسكت ما تجيبش سيرة لده؟‬               ‫وتضحك وتقول‪ :‬لا كده كويس لو أخدتها معايا حا‬
                 ‫يقول‪« :‬عاوز أشرح لك وات ِّكلم»‪.‬‬
     ‫فتقول‪ :‬أحسن تسكت ومتتكلمش كل ما تت ّكلم‬                ‫يستولوا عليها القاعدين جنبي‪ ،‬فقال‪ :‬فداكي ولا‬
                                                          ‫يهمك‪ ،‬وأخرج بالفعل علبة كاملة من جيبه لا تزال‬
                                ‫بتوجعني أكثر‪..‬‬
                                    ‫لو سمحت‪..‬‬               ‫بالسوليفان‪ .‬كانا يهمسان فأح َّس هو أ َّن العيون‬
                                                         ‫تراقبه‪ ،‬وهي م َّدت يدها الأخرى فوق صدرها كأ َّنها‬
              ‫ينهض من فراشه وفي حلقه غ ّصة‪..‬‬
     ‫(كانت قالت له صراحة انا مستعدة أتز َّوجك‪..‬‬                      ‫تخفيه من نظراته ال َّسريعة المتل ِّصصة‪.‬‬
    ‫لم يناقشا من قبل موضوع ال َّزواج بجد َّية (هو‬         ‫رجعت إلى مكانها ومعها العلبة تقبض عليها بك ِّفها‬
‫المزواج الذي تز َّوج م َّرتين قبل هذه ال ِّزيجة الأخيرة‬
    ‫ال َّطويلة بالنِّسبة له)‪ ..‬أسعدته فكرة ال َّزواج من‬     ‫ال َّصغيرة‪ .‬تعرف أ َّنه كان يحاول أن يجد وسيلة‬
   ‫بنت صغيرة مثلها‪ ،‬كما أرعبته‪ ،‬فقد تذ َّكر مقولة‬         ‫للتَّفاهم معها‪ .‬على إيه؟ على أن يتع َّرف عليها؟ لكنَّه‬
  ‫لصديق له كان يقولها وهي أ َّن ال ُّدخول في علاقة‬         ‫عجوز‪ ،‬قالت لنفسها‪ ،‬ده بتاع ستين وأكثر وباين‬
‫جديدة وأنت متز ِّوج‪ ..‬يش ِّكل عبئًا جدي ًدا عليك‪ ،‬وهو‬    ‫من صوته ومن قعدته ومن صلعته ال ُّصغنونة‪ .‬هي‬
 ‫محاولة إثبات رجولتك من جديد وأنت في ال ِّستين‪،‬‬
‫مثل لاعب الكرة الأهبل العحوز ‪-‬و لونسبيًّا‪ -‬الذي‬                                 ‫أي ًضا تعرف كيف تلاحظ‪.‬‬
‫لا يترك الملاعب إ َّل بعد إصابة جسيمة‪ ..‬يحاول أن‬              ‫لم تكن تعرف أ َّنها بعد أقل من أسبوع ستأتي‬
 ‫يتملَّص وهو يف ِّكر كيف يب ِّرر لأبنائه طلاقه لأ ِّمهم‬    ‫بنفسها إلى ش َّقته و تسلِّمه شفتيها طوال ساعات‬
                                                               ‫حتَّى أح َّست بأ َّن شفتيها تو َّرمتا من كثرة ما‬
                                 ‫وزواجه هذا؟)‬
                                                                                               ‫«أكلهما»‪.‬‬
           ‫هو في الغفلة‪5 -‬‬
                                                                        ‫هو‪3 -‬‬
      ‫الغفلة عنده ساعة يقظة مفاجئة اعتادها لأنها‬
 ‫تأتيه كثي ًرا وبشبه انتظام‪ ..‬لي ًل وفج ًرا وصبا ًحا‪..‬‬                 ‫الآن يف ِّكر ويسترجعها في مناماته‪..‬‬
 ‫لعلَّه يب ِّررها بقوله لنفسه بأ َّنه نام أكثر من ساعة‪،‬‬            ‫سألها أ ّيامها‪« :‬إشمعنى اخترتيني أنا؟»‪.‬‬

   ‫كما يقول أهله الصعايدة «عيني غفلت»‪ ،‬لكنَّه في‬                            ‫«عشان إنت مأمون» ولم تزد‪.‬‬
                                                              ‫كانت في ثلاثيناتها ولا تزال عذراء‪ ..‬واكتشف‬
                                                           ‫أ َّن جسمها كلَّه لا يزال في «عذر ّيته»‪ ،‬وأ َّنه رجلها‬
                                                             ‫الأ َّول‪ ..‬هاله هذا وأح َّس بالمسؤوليَّة وخجل من‬
                                                          ‫جسده الشايب‪ ،‬بل ارتاع أكثر حينما ق َّررت قضاء‬
   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97