Page 77 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 77

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫لا بـد مـن تفعيـل دور المدرسـة؛ لأن أ َّى تعليـم حقيقـى‬        ‫العلمـى السـليم‪ ،‬وإعـادة النظـر فـى مناهـج التعليـم‬
‫يفتقـد لأى جديـة فـى غيبـة المدرسـة‪ ،‬فـإذا غابـت‬               ‫وأسـاليبه بحيـث تصبـح وثيقـة الصلـة بمواقـف الحيـاة‬
‫المدرسـة‪ ،‬وسـيطرت السـناتر والـدروس الخصوصيـة‪،‬‬
‫وغـاب المعلـم القـدوة‪ ،‬وظهـرت الإجابـات الجاهـزة‪ ،‬إذا‬                         ‫ومشـكلات البيئـة الاجتماعيـة (‪.)2‬‬

                ‫حـدث كل هـذا فـا تعليـم ولا جـودة‪.‬‬                                        ‫المؤسسة التعليمية‪:‬‬

‫المـدارس الحاليـة أغلبهـا يفتقـر إلـى البنيـة التحتيـة‪،‬‬        ‫عـودة دور المدرسـة التربـوى والسـلوكى والاجتماعـى‬
‫فصـول مكدسـة بأعـداد كبيـرة بـا ملاعـب للرياضـة‬                ‫فـى بنـاء شـخصية الطالـب ُيعـد هدًفـا اسـت ارتيجًّيا‪ ،‬لكـن‬
‫أو قاعـات للموسـيقى؛ ولذلـك يمكننـا القـول بـأن عـودة‬          ‫كيـف يتحقـق هـذا الهـدف؟ كيـف نجعـل المدرسـة جاذبـة‬
‫المدرسـة بنظافتهـا‪ ،‬وبفصولهـا ذات الأعـداد القليلـة –‬          ‫للطالـب؟ أيـن دور المعلـم ودور المدرسـة فـى ظـل‬
‫بـكل الأنشـطة – مهمـة تسـتحق أن تحتـ َّل مكاًنـا فـى‬           ‫التحديـات والتغيـ ارت التـى طـ أرت علـى منظومـة التعليـم؟‬
‫الصـدارة مـن اهتمـام كل أجهـزة الدولـة‪ ،‬وذلـك مـن أجـل‬         ‫حالـة الازدواجيـة مـا بيـن التعليـم الحكومـى والخـاص‬
‫تعليم جيد‪ ،‬وانصهار الأف ارد فيها وممارسة قيم التسامح‬           ‫والتعليـم المـوازي‪ ،‬ممـا أدى إلـى عـودة الطبقيـة فـى‬
‫والمحبـة وقبـول الآخـر‪ ،‬وإلا سـتفرز لنـا المـدارس طالًبـا‬
                                                                                             ‫المنظومـة التعليميـة‪.‬‬
                                 ‫متعصًبـا متطرًفـا‪.‬‬
                                                               ‫لذلـك لا بـد مـن أن تكـون المدرسـة داعمـة ومشـاركة‬
‫إن السـناتر هـى علاقـة الانهيـار التعليمـى وتعطيـل‬             ‫فـى جهـود التطويـر مـع الأسـرة مـن أجـل إكسـاب الأبنـاء‬
‫الموهبـة‪ ،‬ومـن هنـا سـيحرص الطالـب علـى الحضـور‬                ‫القيم المحفزة للتعليم والابتكار والعمل الجاد‪ ،‬وأن تكون‬
‫إذا وجـد المدرسـة بمعناهـا الكامـل‪ :‬الابتـكار والتعليـم‬        ‫المدرسـة جاذبـة للطالـب‪ ،‬تعمـل علـى صقـل شـخصيته‬

                                         ‫الحقيق ـى‪.‬‬                                               ‫وتهذيـب سـلوكه‪.‬‬

‫هـذا وقـد امتـدت هـذه الآفـة ‪ -‬الـدروس الخصوصيـة‬               ‫إن إعـادة الأنشـطة الرياضيـة والفنيـة والثقافيـة‪،‬‬
‫‪ -‬إلـى مجتمـع الجامعـة‪ ،‬فأصبـح التعليـم يعتمـد علـى‬            ‫ورعايـة الموهوبيـن واكتشـافهم مـن بيـن طـاب المـدارس‪،‬‬
‫الملخصـات‪ ،‬أسـئلة ليلـة الأمتحـان وغيرهـا‪ ،‬ممـا يـؤدى‬          ‫وتشـجيع الرسـم والموسـيقى وممارسـة جميـع الأنشـطة‪،‬‬
‫إلـى تدهـور وغيـاب التعليـم الحقيقـى الجيـد‪ ،‬وتشـجيع‬           ‫تحفـز الطالـب وترقـى شـخصيته وتهـذب سـلوكه‪ ،‬سـواء‬
‫الأسـرة لذلـك يرسـخ طريقـة تربيـة خاطئـة تفسـد الأبنـاء‬        ‫داخل المدرسة أو م اركز الشباب التابعة ‪ -‬القريبة منها‪.‬‬
‫والمدرسـة والتعليـم‪ ،‬وتقلـل مـن اسـتقلالية النـشء‬
‫واعتمادهـم علـى أنفسـهم‪ ،‬لكـ َّن الأسـرة وحَدهـا ليسـت‬         ‫الــدروس الخصوصيــة آفــة ومشــكلة غيــر قابلــة‬
‫السـبب فـى ذلـك‪ ،‬بـل ت ار ُجـع دور المدرسـة وتكالـب‬                                                    ‫للحــل‪:‬‬
‫المعلميـن وتقصيرهـم داخـل المدرسـة‪ ،‬ومـن هنـا يأتـي‬
                                                               ‫هجـرة الطالـب والمـدرس للمدرسـة طـوال العـام مـن‬
                              ‫دور المعلـم وأهميتـه‪.‬‬            ‫أجـل الـدروس الخصوصيـة التـى بسـببها تحولـت أغلـب‬
                                                               ‫المـدارس إمـا إلـى مبـا ٍن خاويـة لا فائـدة منهـا‪ ،‬أو مكاًنـا‬
          ‫أهمية دور المعلم وأهداف التربية (‪)3‬‬
                                                                                    ‫للـدروس الخصوصيـة بداخلهـا‪.‬‬
‫تحدثنـا عـن دور الأسـرة ودور المؤسسـة التعليميـة‬
                                                               ‫حتـى لا نصـل إلـى عـودة الد ارسـة وغيـاب المدرسـة‪،‬‬

                                                           ‫‪77‬‬
   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82