Page 131 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 131

‫‪131‬‬                                 ‫‪ 00‬أ نحلإ ‪ 4‬ا !ب!د القا اين!‬

‫هناك وجدت سيخَا ليبيَا ما زال على قيد الحياة بالرغم من أن النيران قد نالت من جسمه‬

‫ما نالت ‪ ،‬فلما رافب ذلك الشيخ ‪ ،‬مد يده باتجاهي يطلب المساعدة مني ‪ ،‬فوجدت راهبَا‬
   ‫مسيحيَا يعمل في المستشفى العسكري الإيطالي ‪ ،‬فطلبت منه المساعدة لحمل ذلك‬

‫الليبي إلى المستشفى ‪ ،‬فنظر إلى الراهب الكاثوليكي بابتسامة ساخرة وهو يقول لي ‪ :‬لا‬
‫تقلق كثيرَا على هذا البدوي ‪ ،‬سوف أهتم أنا بأمره ‪ ،‬اذهب أنت إلى المركز وأبلغ القيادة‬
‫بأن المهمة تمت بنجاح ! فانطلقت إلى المركز لكي أوصل رسالة الكاهن الكاثوليكي‬

‫وعيناي تراقبان ذلك الليبي الجريح وهو ما يزال رافعَا يده باتجاهي أنا بالذات طالبَا‬

‫الذي تلقيته للتو‪ ،‬بعد أن ناكدت أ ن‬  ‫المساعدة ‪ ،‬إلا أنني تركته لتنفيذ ذلك الأمر العسكري‬

‫ذلك الكاهن المسيحي الطيب سوف يقوم بما يلزم لعلاجه ‪ .‬وفعلَا قمت بتنفيذ الأمر‬

‫العسكري ‪ ،‬ثم ذهبت لكي أبيت تلك الليلة في المعسكر الرئيسي للقوات الإيطالية في‬
 ‫طرابلس ‪ ،‬ولكنني لم أستطع النوم مطلقَا! فلقد كانت صورة ذلك الشيخ الليبي تطاردني‬

‫عيني للنوم ‪ ،‬فمنظر يده المرفوعة باتجاهي طالبَا النجدة كان يلاحقني في‬  ‫كلما أغمضت‬

‫كل مكان ‪ ،‬فقررت حينها أن أذهب بنفسي إلى الحي المحترق في منتصف الليل لأطمئن‬

‫على ذلك الشيخ ‪ ،‬وعندما وصلت هناك كدت أن أفقد عقلي ! فلقد وجدت جثة ذلك‬

‫في البكاء‬  ‫العربي وقد تفحمت ‪ ،‬ويده المتفحمة ما زالت مرفوعةُ كما تركتها‪ ،‬فأجهشت‬

‫بشكل هستيري ‪ ،‬وقررت أن أرجع إلى المعسكر لأطلق النار على ذلك الكاهن‬

‫الكاثوليكي المجرم ‪ ،‬ثم أطلق النار على رأسي لأرناح من عذاب ما أراه من فظائع يومية‪،‬‬

‫إلَا أنني حين أمسكت بالمسدس بيدي تذكرت يد ذلك الليبي المسكين ‪ ،‬فقررت أن أنقل‬

‫جرائم الجيش الفاسي للعالم بأسره ‪ ،‬فهربت من الجيش لأفضح أولئك المجرمين في‬

                                                                      ‫!"‪.‬‬  ‫الصحافة‬

   ‫الحقيقة أن المرء يشعر بحالةِ من الغثيان وهو يقرأ مثل هذه القصص المرعبة ‪ ،‬ولقد‬
 ‫كان لدي فيما وجدته من مراجع ومعلومات الكثير من صور الإرهاب البشع ‪ ،‬إلّا أنني‬
‫آثرت أن أتوقف عن ذكر المزيد منها‪ ،‬لكي لا يصاب القارئ بحالة من الغثيان كتلك التي‬
 ‫انتابتني وأنا أكتب هذه الأسطر‪ ،‬ولكي أترك للقارئ قليلًا من الدموع التي قد تلزمه في‬

           ‫نهاية هذا الكتاب عندما نأتي على ذكر فظائع محاكم التفتيش الرهيبة!‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136