Page 154 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 154

‫‪ 008‬هل !لظما ‪ 4‬ا!ة ا لإللللا!‬  ‫‪154‬‬

‫من دخول قبائل "صنهاجة " البربرية في الإسلام منذ فجر الفتوحات على يد الفاتح‬
  ‫الإسلامي الأموي (عقبة بن نافع )‪ ،‬إلا أن الإسلام الصحيح ضاع بين البربر هناك مع‬

‫مرور الزمن وبُعد المكان عن مهبط الوحي وانعزاله خلف كثبان الصحراء الكبرى ‪،‬‬
 ‫فتبرك المسلمون هناك بالقبور‪ ،‬ودعا الناس الأولياء الصالحين من دون اللّه ‪ ،‬وأدمنوا‬

  ‫شرب الخمور‪ ،‬وانتشر الزنى بينهم بشكل رهيب ‪ ،‬حتى أن الرجل كان يجامع خليلة‬
‫جاره من دون أن يعترض زوجها على ذلك ! وامتنع الناس عن أكل لحم الخنزير‪،‬‬

     ‫ولكنهم أكلوا لحم الخنزيرة ! ! ! وكان لقبيلة "جُدالة " وهي فرع من فروع "صِنهاجة"‬

‫سيخ بفطرؤ طيبة اسمه الشيخ (يحيى بن إبراهيم الجدالي )‪ ،‬فأراد هذا الشيخ أن يصلح‬

‫من حال قبيلته ‪ ،‬ولكنه لم يكن يعلم من أمور الدين الكثير‪ ،‬فذهب إلى الحج ‪ ،‬وفي طريق‬

‫عودته مرَّ على "القيروان " في تونس ‪ ،‬وقصَّ على علمائها أمر قومه وما هم عليه من‬

‫الضلال والبعد عن شرع اللّه ‪ ،‬فبعثوا معه رجلَا من البربر اسمه الشيخ (عبد اللّه بن ياسين)‬

‫‪ ،‬فأخذ الشيخ عبد اللّه ابن‬  ‫لكي يُرجع أهل جدالة إلى التوحيد الذي جاء به محمد!‬

   ‫ياسين يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده وترك الدعاء عند القبور‪ ،‬فطلب الناس منه أن يتركهم‬
‫وسأنهم وأن يعود من حيث أتى ‪ ،‬لكن الشيخ رفض ترك الدعوة ‪ ،‬فحرق الناس بيته‪،‬‬

‫وطردوه خارج القبيلة وهددوا الشيخ يحيى بن إبراهيم بنفس المصير إن هو ساعده ‪،‬‬
‫فأصبح الشيخ عبداللّه بن ياسين طريذا في صحراء موريتنيا‪ ،‬وأصبح بين خيارين ‪ ،‬إما‬
‫العودة أوالاستمرار‪ ،‬فاختار الشيخ ابن ياسين خيار الأنبياء‪ ،‬وهو الطريق الأصعب بطبيعة‬

‫الحال ‪ ،‬ولو أنه اختار الطريق السهل ‪ ،‬لمات مجهولأ في حدائق القيروان ‪ ،‬ولما كُتبت هذه‬

‫الحروف عنه بعد ما يقارب الألف عام من وفاته ‪ ،‬فبدلَا من أن يتجه الشيخ عبد اللّه ابن‬
‫ياسين إلى الشنمال حيث تلال تونس الخضراء‪ ،‬غوَّر جنوبًا ! أدغال أفريقيا ليعبر نهر‬

 ‫السنغال ‪ ،‬وهناك في غابة من غاباتها‪ ،‬أقام خيمةَ ورابط فيها‪ ،‬فكانت خيمة الرباط الأولى‪،‬‬
‫ثم بعث رسالة إلى أهل جدالة يخبرهم فيها أنه من أراد تعلم دين اللّه فليأته في رباطه في‬

  ‫أرض السنغال ‪ ،‬فخرج خمسة شباب من جدالة حْفية واتجهوا نحو السنغال ‪ ،‬ورابطوا مع‬
    ‫الشيخ ابن ياسين في خيمته ‪ ،‬فأخذ الشيخ يعلمهم معنى التوحيد‪ ،‬فاقتنع الشباب الخمسة‬

  ‫بدعوة الشيخ ‪ ،‬فذهبوا إلى جدالة وأحضروا عائلاتهم ‪ ،‬وبنى كل منهم خيمة يرابط بها بعد‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159