Page 151 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 151

‫‪454‬‬  ‫‪ ،00‬فلإو ا !ب!د التا اي!‬

 ‫عند ذلك حورب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ممن كانوا يتكسبون من القبور‬
   ‫والأضرحة وأموال النذور‪ ،‬فسافر الشيخ من مكانٍ إلى مكان يدعو الناس إلى التوحيد‪،‬‬
     ‫ودعوته تلقى الصد من أمراء نجد وسيوخها‪ ،‬فقد تعود الناس هناك على البدع والطواف‬

   ‫حول القبور‪ ،‬إلى أن وصل السيخ إلى بلدة في نجد يقال لها "الدرعية ‪ ،‬فعرض دعوته في‬
   ‫التوحيد على أميرها السيخ (محمد بن سعود)‪ ،‬فاقتنع الأمير بها‪ ،‬وبايعه على النصرة‬
 ‫والمنعة مقابل أن يقيم الشيخ ابن عبد الوهاب دائمًا معهم في الدرعية ليعلم سباب القبيلة‬

                                                           ‫الدين الصحيح ‪ ،‬فوافق السيخ ابن عبد الوهاب على ذلك‪.‬‬
      ‫فأقام الشيخ بالدرعية مُؤيدًا من حاكمها ابن سعود‪ ،‬فكان أول شيء قام به هناك هو‬
 ‫تعليم الناس أهم سيء في دينهم ‪ -‬التوحيد ‪ -‬فرتب الدروس في العقائد‪ ،‬وفي القراَن‬
        ‫الكريم ‪ ،‬وفي التفسير‪ ،‬وفي الفقه ‪ ،‬والحديث ‪ ،‬والعلوم العربية ‪ ،‬والتاريخ ‪ ،‬وغير ذلك من‬
     ‫العلوم النافعة ‪ ،‬فأقبل الناس على العلم ‪ ،‬وذاع صيت ذلك الشيخ الذي يعلم الناس أمور‬
   ‫التوحيد‪ ،‬فتوافد سباب القبائل المجاورة على الدرعية من كل مكان ‪ ،‬وأصبحت الدرعية‬

           ‫بؤرة للنور في بحرٍ من الظلمات ‪ ،‬وازداد عدد أتباع الشيخ ابن عبد الوهاب ‪ ،‬وأصبحت‬

    ‫الدرعية قوة ضاربة في صحراء نجد‪ ،‬وبعد سنين قليلة من دعوة ابن عبد الوهاب‬
    ‫للتوحيد‪ ،‬وبعد أن تعلم الشباب أصول ديمْهم الصحيح على يديه ‪ ،‬أعطى الشيخ ابن عبد‬

        ‫الوهاب إسارة الإذن بالجهاد لنشر أصول التوحيد بين عُبّاد القبور‪ ،‬فذهب الشيخ محمد‬
‫ابن عبد الوهاب إلى القبة التي بنيت على قبر الصحابي البطل زيد بن الخطاب رضي اللّه‬

       ‫وأرضاه والتي كان الناس يتعبدون بها ويطوفون حولها‪ ،‬فهدمها بنفسه ‪ ،‬ثم نشر الشباب‬
       ‫الموحد بين القبائل العربية لكي يعيدوا إحياء مفهوم التوحيد المنسي ‪ ،‬وأرسل المرسدين‬
      ‫والدعاة في الصحراء والبوادي ليبينوا للناس مفهوم التوحيد الصحيح ‪ ،‬كما أرسل‬
       ‫المعلمين والقضاة إلى القرى النائية ‪ ،‬فبدأت الناس تعمر المساجد الخاوية من جديد‪،‬‬

                  ‫وعاد الناس لصيام رمضان ‪ ،‬فترك الناس العادات البدعية التي ورثوها من آبائهم‪.‬‬
       ‫وبعد وفاة النثميخ ابن عبد الوهاب رحمه اللّه ‪ ،‬استطاع أتباعه نشر دعوته في مكة‬
     ‫والمدينة ‪ ،‬فقام هؤلاء بنشر مفهوم التوحيد بين الحجاج من مختلف البلدان الإسلامية‪،‬‬
     ‫فانتشرت دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب من البنغال سرفا إلى المغرب غربًا‪ ،‬فاستغل‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156