Page 160 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 160

‫‪ 008‬هل ظظدا ‪ 4‬اهة الإدلللا!‬                                                ‫‪016‬‬

                                                                                                           ‫إ لاّ أن يكونوا أتباعَا لأولئك الغزاة !‬

‫فكلما بحثتُ اكثر عن ناريخنا‪ ،‬اقتنعت أكثر بحقيقة كانت قد تجسدت لدي‪ ،‬ألا‬

‫وهي أن معركتنا القادمة إنما هي معركة إعادة كتابة تاريخ هذه الأمة ‪ ،‬ورفع الغبار عن‬

‫كتابها المجيد‪ ،‬لا لكي نشعر بالفخر والاعتزاز بتاريخ أبطالنا فقط (وهذا سيءٌ‬  ‫صفحات‬

‫مطلوبٌ أيضَا!)‪ ،‬بل من أجل أخذ العبر واستلهام الدروس من تجاربهم التي خاضوها‪،‬‬

‫فحال قبائل البربر قبل بدء دعوة ابن ياسين لا يختلف كثيرَا عن حال الأمة الاَن ‪ ،‬فدراسة‬

‫قصة الأندلس منذ بدايتها وحتى نهايتها تبين لشباب هذه الأمة كيفية الصعود الحضاري ‪،‬‬

    ‫وهذه هي فائدة دراسة التاريخ ‪ ،‬وهذا ما نرمي إليه من خلال هذا الكتاب إن ساء اللّه‪.‬‬
‫وقبل أن نتحدث عن بطلنا العظيم ينبغي علينا أن نعرف حال الأندلس في زمانه‪،‬‬

   ‫ومن خلال ذلك يمكن لنا أن نقيس مدى عظمة المتوكل بن الأفطس ‪ ،‬فلقد انقسمت‬
 ‫دولة الأندلس الإسلامية إلى ‪ 22‬دولة ‪ ،‬يحكمها ملوك من العرب والبربر والمولدين‬

‫(الإسبان المسلمين )‪ ،‬فساد التضعضع أرجاء الممالك ‪ ،‬وأغار كل واحد منهم على أخيه‪،‬‬
   ‫فكانت المملكة الواحدة تتفكك إلى مملكتين أو أكثر بعد موت ملكها‪ ،‬وهكذا ظلت‬

‫الأندلس تتشظى حتى أصبحت لقمة سائغة لمملكة قشتالة الصليبية في الشمال ‪ ،‬والتي‬

‫كانت إلى وقت قريب تدفع الجزية إلى الخلفاء الأمويين ‪ ،‬ولكن الوقت قد تغير بالكلية‬

‫في عهد ملوك الطوائف ‪ ،‬فلقد أصبح ملوك تلك الممالك المتشرذمة هم من يدفعون‬

‫الجزية لملك قشتالة (ألفونسو السادس )‪ ،‬فكان هذا الملك الصليبي يجهز جيشه بأموال‬

‫الجزية التي يأخذها من المسلمين ليقوم بعد ذلك باحتلال مدنهم الواحدة تلو الأخرى !‬

‫فسقطت بذلك "طليطلة " أعظم مدن الأندلس والتي فتحها الفاتح الإسلامي (طارق ابن‬

‫المبكي في قصة سقوط تلك المدينة العظيمة‬  ‫زيافى) منذ فجر الفتوح الأندلسية ‪ ،‬المضحك‬

‫يكمن في أنها سقطت بعد أن استضاف ملكها (ابن ذي النون ) الملك (ألفونسو السادس )‬

‫في قصورها وذلك بعد أن طرده إخوته الإسبان ‪ ،‬فقام ذلك الملك الصليبي الخائن‬
 ‫باستكشاف منافذ المدينة من كل جانب ليسهل عليه فتحها بعد ذلك بجيشه ‪ .‬أما ملك‬

‫"سرقسطة "‪ ،‬وهو أحد ملوك الطوائف ‪ ،‬فقد قام بالاستعانة بالصليبيين في مملكة‬

‫"أراجون " ضد أخيه ‪ ،‬فدفع الأموال لملك "برسلونة " الصليبي لكي يعيد له مدينة‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165