Page 162 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 162
،00هل شلظ!ا 4اهة الاسلاكا !62
اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك لعلمت أي مصاب أذقناك كما كانت اباؤك تتجرعه،
وبالأمس كانت قطيعة المنصور على سلفك لما أجبر أجدادك على دفع الجزية حتى
أهدى بناته إليه .أما نحن فإن قلّت أعدادنا وعُدم من المخلوقين استمدادنا ،فما بيننا
وبينك بحر نخوضه ولا صعب نروضه ،ليس بيننا وبينك إلا السيوف ،تشهد بحدها
رقاب قومك ،وجلاد تبصره في نهارك وليلك ،وبالته تعالى وملائكته المسوّمين نتقوى
بنا إلا عليك ونستعين ،ليس لنا سوى اللّه مطلب ،ولا لنا إلى غيره مهرب ،وما تتربصون
إحدى الحسنيين ،نصر عليكم فيا لها من نعمة ومنة ،أو سهادة في سبيل اللّه فيا لها من
جنة ،وفي اللّه العوض مما به هددت ،وفرج يفرج بما نددت ويقطع بما أعددت ".
فما أن قرأ ألفونسو السادس رده حتى عرف أن هذا الرجل ليس من نفس معدن
ملوك الطوائف ،فرجع بجيوسه إلى "قشتالة " ،ليظل المتوكل بن الأفطس الوحيد بين
ملوك الطوائف الذي لم يدفع الجزية البتة!
وظلت الأندلس على هذه الحالة القاتمة حتى حدث سيء عجيب غير من مسار
التاريخ هناك ،فلقد بعث ألفونسو السادس بوزيره اليهودي (ابن ساليب ) إلى (المعتمد
بن عبّاد) ملك "إسبيلية " و"قرطبة " يطلب منه أمزا عجيبًا يوضح مدى الذلة التي وصل
إليها ملوك الطوائف ،فلقد طلب ألفونسو السادس من المعتمد ابن عباد أن يفتح له
أبواب جامع قرطبة (أكبر جامع على وجه الأرض في وقتها!) ،وذلك لكي تقوم زوجته
ملكة إسبانيا بالولادة عند منبر المسجد! ! فتعجب ابن عباد من هذا الطلب المقزز،
وعرض أن يضاعف أموال الجزية بدلا من ذلك ،لكن الوزير اليهودي ابن ساليب رفض
ذلك وأساء أدبه مع الملك في حضرة الوزراء والشيوخ ،عند ذلك بلغ السيل الزبى لدى
ابن عباد ،فقد وصل الأمر إلى حد الاستخفاف ببيت اللّه ،عندها استل المعتمد بن عباد
سيفه وقطع به رأس ذلك الوزير ،وأرسل به إلى ألفونسو مرففا برسالة أن لا جزية لك
بعد اليوم ،فاقض ما أنت قاض ! فاستشاط ألفونسو السادس غضبًا ،وتقدم بجنوده
لأشمبيلية ،فحاصرها ،فطال أمد الحصار هناك ،عند ذلك بعث ألفونسو السادس برسالة
يستخف بها من ابن عباد ،فكتب له يقول " :إن الذباب قد اذاني حول مدينتك ،فإن أردت
أن ترسل لي مروحة أروح بها عن نفسي فافعل " فتناول المعتمد بن عباد تلك الرسالة