Page 139 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 139

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

      ‫وبينما كان القتال يدور فوق أرض البلقاء بالشام‪ ،‬كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يجلس مع‬
                                                           ‫أصحابه في المدينة‪ ،‬يحادثھم ويحادثونه‪..‬‬

‫وفجأة والحديث ماض في تھلل وطمأنينة‪ ،‬صمت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وأسدل جفنيه قليلا‪ ..‬ثم‬
                                          ‫رفعھما لينطلق من عينيه بريق ساطع يبلله أسى وحنان‪!!..‬‬
                                                        ‫وطوفّت نظراته الآسية وجوه أصحابه وقال‪:‬‬
                                                ‫"أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بھا حتى قتل شھيدا‪.‬‬
                                                        ‫ثم أخذھا جعفر فقاتل بھا‪ ،‬حتى قتل شھيدا"‪..‬‬
                                                               ‫وصمت قليلا ثم استأنف كلماته قائلا‪:‬‬
                                          ‫" ثم أخذھا عبدﷲ بن رواحة فقاتل بھا‪ ،‬حتى قتل شھيدا"‪..‬‬

                                  ‫ثم صمت قليلا وتألقت عيناه بومض متھلل‪ ،‬مطمئن‪ ،‬مشتاق‪ .‬ثم قال‪:‬‬
                                                                        ‫" لقد رفعوا الى الجنة"‪!!..‬‬
                                                                            ‫أيّة رحلة مجيدة كانت‪..‬‬
                                                                             ‫وأي اتفاق سعيد كان‪..‬‬
                                                                         ‫لقد خرجوا الى الغزو معا‪..‬‬

                       ‫وكانت خير تحيّة تو ّجه لذكراھم الخالدة‪ ،‬كلمات رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬
                                                                        ‫" لقد رفعوا الى الجنة"‪!!..‬‬

                                          ‫خالد بن الوليد‬
                                     ‫لا ينام ولا يترك أحدا ينام‬

                                                                               ‫ان أمره لعجيب‪!!..‬‬
                                  ‫ھذا الفاتك بالمسلمين يوم أحد والفاتك بأعداء الاسلام بقية الأيام‪!!..‬‬

                                                                   ‫ألا فلنأت على قصته من البداية‪..‬‬
                                                                                 ‫ولكن أية بداية‪..‬؟؟‬

                  ‫انه ھو نفسه‪ ،‬لا يكاد يعرف لحياته بدءا الا ذلك اليوم الذي صافح فيه الرسول مبايعا‪..‬‬
                             ‫ولو استطاع لن ّحى عمره وحياته‪ ،‬كل ماسبق ذلك اليوم من سنين‪ ،‬وأيام‪..‬‬

 ‫فلنبدأ معه اذنمن حيث يحب‪ ..‬من تلك اللحظة الباھرة التي خشع فيھا قلبه ‪ ،‬وتلقت روحه فيھا لمسة‬
‫من يمين الرحمن‪ ،‬وكلتا يديه يمي‪ ،‬فنف ّجرت شوقا الى دينه‪ ،‬والى رسوله‪ ،‬والى استشھاد عظيم في سبيل‬

                                   ‫الحق‪ ،‬ينضو عن كاھله أوزار مناصرته الباطل في أيامه الخاليات‪..‬‬

                                               ‫**‬

     ‫لقد خلا يوما الى نفسه‪ ،‬وأدار خواطره الرشيدة على الدين الجديد الذي تزداد راياته كل يوما تألقا‬
   ‫وارتفاعا‪ ،‬وتمنّى على ﷲ علام الغيوب أن يم ّد اليه من الھدى بسبب‪ ..‬والتمعت في فؤاده الذكي بشائر‬

                                                                                      ‫اليقين‪ ،‬فقال‪:‬‬
                                                                       ‫" وﷲ لقد استقام المنسم‪....‬‬

                                                                               ‫وان الرجل لرسول‪..‬‬

                                                               ‫‪139‬‬
   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144