Page 144 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 144
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ل ّم سيفك يا أبا بكر لا تفجعنا بنفسك"...
وأمام اجماع مصمم من المسلمين ،رضي الخليفة أن يبقى بالمدينة وق ّسم الجيش الى احدى عشرة
مجموعة ..رسم لكل مجموعة دورھا..
وعلى مجموعة ضخمة من تلك المجموعات كان خالد بن الوليد أميرا..
ولما عقد الخليفة لكل أمير لواءه ،اتجه صوب خالد وقال يخاطبه:
" سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول :نعم عبدﷲ .وأخو العشيرة ،خالد ابن الوليد ،سيف من
سيوف ﷲ .سلّه ﷲ على الكفار والمنافقين"..
**
ومضى خالد الى سبيله ينتقل بجيشه من معركة الى معركة ،ومن نصر الى مصر حتى كانت المعركة
الفاصلة..
فھناك باليمامة كان بنو حنيفة ،ومن انحاز اليھم من القبائل ،قد جيّشوا أخطر جيوش الردو قاطبة،
يقوده مسيلمة الكذاب.
وكانت بعض القوات المسلمة قد ج ّربت حظھا مع جيوش مسيلمة ،فلم تبلغ منه منالا..
وجاء أمر الخليفة الى قائده المظفر أن سر الى بني حنيفة ..وسار خالد..
ولم يكد مسيلمة يعلم أن ابن الوليد في الطريق اليه حتى أعاد تنظيم جيشه ،وجعل منه خطرا حقيقيا،
وخصما رھيبا..
والتقى الجيشان:
وحين تطالع في كتب السيرة والتاريخ ،سير تلك المعركة الھائلة ،تأخذك رھبة مضنية ،اذ تجد نفسك أمام
معركة تشبه في ضراوتھا زجبروتھا معارك حروبنا الحديثة ،وان تلّفت في نوع السلاح وظروف
القتال..
ونزل خالد بجيشه على كثيب مشرف على اليمامة ،وأقبل مسيلمة في خيلائه وبغيه ،صفوف جيشه من
الكثرة كأنھا لا تؤذن بانتھاء!!..
و ّسلم خالد الألوية والرايات لقادة جيشه ،والتحم الجيشان ودار القتال الرھيب ،وسقط شھداء المسلمين
تباعا كزھور حديقة ط ّوحت بھا عاصفة عنيدة!!..
وأبصر خالد رجحان كفة الأعداء ،فاعتلى بجواده ربوة قريبة وألقى على المعركة نظرة سريعة ،ذكية
وعميقة..
ومن فوره أدرك نقاط الضعف في جيشه وأحصاھا..
رأى الشعور بالمسؤولية قد وھن تحت وقع المفاجأة التي دھمھم بھا جيش مسيلمة ،فقرر في نفس
اللحظة أن يش ّد في أفئدة المسلمين جميعا الى أقصاه ..فمضى ينادي اليه فيالق جيشه وأجنحته ،وأعاد
تنسيق مواقعه على أرض المعركة ،ثم صاح بصوته المنتصر:
" امتازوا ،لنرى اليوم بلاء كل ح ّي".
144