Page 147 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 147

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

 ‫ولم تنقص القائد العظيم الفطنة المفعمة بالايثار‪ ،‬فعلى الرغممن أن الخليفة وضعه على رأس الجيش‬
    ‫بكل أمرائه‪ ،‬فانه لم يشا أن يكون عونا للشيطان على أنفس أصحابه‪ ،‬فتنازل لھم عن حقه الدائم في‬
                                                                       ‫الامارة وجعلھا دولة بينھم‪..‬‬
                                            ‫اليوم أمير‪ ،‬ودغا أمي رثان‪ ..‬وبعد غد أمير آخر‪..‬وھكذا‪..‬‬
                                                ‫كان جيش الروم بأعداده وبعتاده‪ ،‬شيئا بالغ الرھبة‪..‬‬

‫لقد أدرك ق ّواد الروم أن الزمن في صالح المسلمين‪ ،‬وأن تطاول القتال وتكاثر المعارك يھيئان لھم النصر‬
  ‫دائما‪ ،‬من أجل ذلك قرروا أن يحشدوا كل قواھم في معركة واحدة يجھزون خلالھا على العرب حيث لا‬
   ‫يبقى لھم بعدھا وجود‪ ،‬وما من شك أن المسلمين أح ّسوا يوم ذاك من الرھبة والخطر ما ملأ نفوسھم‬
                                                                             ‫المقدامة قلقا وخوفا‪..‬‬
       ‫ولكن ايمانھم كان يخ ّف لخدمتھم في مثل تلك الظلمات الحالكات‪ ،‬فاذا فجر الأمل والنصر يغمرھم‬
                                                                                         ‫بسناه‪!!..‬‬

                         ‫ومھما يكن بأس الروم وجيوشھم‪ ،‬فقد قال أبو بكر‪ ،‬وھو بالرجال ج ّد خبير‪:‬‬
                                                                                   ‫" خالد لھا"‪!!.‬‬

                                                           ‫وقال‪ ":‬وﷲ‪ ،‬لأشفي ّن وساوسھم بخالد"‪.‬‬
                                                 ‫فليأت الروم بكل ھولھم‪ ،‬فمع المسلمين الترياق‪!!..‬‬
 ‫عبأ ابن الوليد جيشه‪ ،‬وقسمه الى فيالق‪ ،‬ووضع للھجوم والدفاع خطة جديدة تتناسب مع طريقة الروم‬
                        ‫بعد أن خبر وسائل اخوانھم الفرس في العراق‪ ..‬ورسم للمعركة كل مقاديرھا‪..‬‬
  ‫ومن عجب أن المعركة دارت كما رسم خالد وتوقع‪ ،‬خطوة خطوة‪ ،‬وحركة حركة‪ ،‬حتى ليبدو وكأنه لو‬
                                ‫تنبأ بعدد ضربات السيوف في المعركة‪ ،‬لما أخطأ التقدير والحساب‪!!..‬‬

                                                             ‫كل مناورة توقعھا من الروم صنعوھا‪..‬‬
                                                                         ‫كا انسحاب تنبأ به فعلوه‪..‬‬

‫وقبل أن يخوض القتال كان يشغل باله قليلا‪ ،‬احتمال قيام بعض جنود جيشه بالفرار‪ ،‬خاصة أولئك الذين‬
                    ‫ھم حديثو العھد بالاسلام‪ ،‬بعد أن رأى ما ألقاه منظر جيش الروم من رھبة وجزع‪..‬‬
                                         ‫وكان خالد يتمثل عبقرية النصر في شيء واحد‪ ،‬ھو الثبات‪..‬‬

 ‫وكان يرى أن حركة ھروب يقوم بھا اثنان أو ثلاثة‪ ،‬يمكن أن تشيع في الجيش من الھلع والتمزق ما لا‬
                                                                    ‫يقدر عليه جيش العدو بأسره‪...‬‬

                                     ‫من أجل ھذا‪ ،‬كان صارما‪ ،‬تجاه الذي يلقي سلاحه ويولي ھاربا‪..‬‬
 ‫وفي تلك الموقعة بالذات موقعة اليرموك‪ ،‬وبعد أن أخذ جيشه مواقعه‪ ،‬دعا نساء المسلمين‪ ،‬ولأول م ّرة‬

                 ‫سلّمھن السيوف‪ ،‬وأمرھن‪ ،‬بالوقوف وراء صفوف المسلمين من كل جانب وقال لھن‪:‬‬
                                                                       ‫" من يولّي ھاربا فاقتلنه"‪..‬‬

                                                 ‫وكانت لفتة بارعة أدت مھمتھا على أحسن وجه‪!!..‬‬
                           ‫وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز اليه خالد ليقول له بضع كلمات ‪..‬‬
                        ‫وبرز اليه خالد‪ ،‬حيث تواجھا فوق جواديھما في الفراغ الفاصل بين الجيشين‪..‬‬

                                                              ‫وقال ماھان قائد الروم يخاطب خالدا"‬

                                                              ‫‪147‬‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152