Page 146 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 146
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
في الأبلّة ،الى ال ّسدير ،فالنّجف ،الى الحيرة ،فالأنبار ،فالكاظمية .مواكب نصر تتبعھا مواكب ...وفي كل
مكان تھ ّل به رياحه البشريات ترتفع للاسلام راية يأوي الى فيئھا الضعفاء والمستعبدون.
أجل ،الضعفاء والمستعبدون من أھل البلد الذين كان الفرس يستعمرونھم ،ويسومونھم سوء العذاب..
وكم كان رائعا من خالد أن بدأ زحفه بأمر أصدره الى جميع ق ّواته:
" لا تتع ّرضوا للفلاحين بسوء ،دعوھم في شغلھم آمنين ،الا أن يخرج بعضھم لقتالكم ،فآنئذ قاتلوا
المقاتلين".
وسار بجيشه الظافر كالسكين في الزبد الطر ّي حتى وقف على تخوم الشام..
وھناك د ّوت أصوات المؤذنين ،وتكبيرات الفاتحين.
ترى ھل سمع الروم في الشام..؟
وھل تبيّنوا في ھذه التكبيرات نعي أيامھم ،وعالمھم..؟
أجل لقد سمعوا ..وف ّزعوا ..وق ّرروا أن يخوضوا في حنون معركة اليأس والضياع!..
**
كان النصر الذي أحرزه الاسلام على الفرس في العراق بشيرا بنصر مثله على الروم في الشام..
فجنّد الص ّديق أبو بكر جيوشا عديدة ،واختار لامارتھا نفرا من القادة المھرة ،أبو عبيدة بن الجراح،
وعمرو بن العاص ،ويزيد بن أبي سفيان ،ثم معاوية بن أبي سفيان..
وعندما نمت أخبار ھذه الجيوش الى امبراطور الروم نصح وزراءه وق ّواده بمصالحة المسلمين ،وعدم
الدخول معھم في حرب خاسرة..
بيد أن وزراءه وق ّواده أص ّروا على القتال وقالوا:
" وﷲ لنشغل ّن أبا بكر على أن يورد خيله الى أرضنا"..
وأعدوا للقتال جيشا بلغ قوامه مائتي ألف مقاتل ،وأ}بعين ألفا.
وأرسل قادة المسلمين الى الخليفة بالصورة الرھيبة للموقف فقال أبو بكر:
" وﷲ لأشفي ّن وساوسھم بخالد"!!!..
وتلقى ترياق الوساوس ..وساوس التم ّرد والعدوان والشرك ،تلقى أمر الخليفة بالزحف الى الشام،
ليكون أميرا على جيوش الاسلام التي سبقته اليھا..
وما اسرع ما امتثل خالد وأطلع ،فترك على العراق المثنّى بن الحارثة وسار مع قواته التي اختارھا حتى
وصل مواقع المسلمين بأرض الشام ،وأنجز بعبقريته الباھرة تنظيم الجيش المسلم وتنسيق مواقعه في
وقت وجيز ،وبين يدي المعركة واللقاء ،وقف في المقاتلين خطيبا فقال بعد أن حمد ربه وأثنى عليه:
" ان ھذا يوم من أيام ﷲ ،لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي..
أخلصوا جھادكم وأريدوا ﷲ بعملكم ،وتعالوا نتعاور الامارة ،فيكون أحدنا اليوم أميرا ،والآخر غدا،
والآخر بعد غد ،حتى يتأ ّمر كلكم"...
ھذا يوم من أيام ﷲ..
ما أروعھا من بداية!!..
لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي..
وھذه أكثر روعة وأوفى ورعا!!
146