Page 142 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 142

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫ھنالك تقدم سيف ﷲ يرمق أرض القتال الواسعة بعينين كعيني الصقر‪ ،‬ويدير الخطط في بديھته بسرعة‬
 ‫الضوء‪ ..‬ويقسم جيشه‪ ،‬والقتال دائر‪ ،‬الى مجموعات‪ ،‬ثم يكل الى كل مجموعة بمھامھا‪ ..‬وراح يستعمل‬
  ‫فنّه المعجز ودھاءه البليغ حتى فتح في صفوف الروم ثغرة فسيحة واسعة‪ ،‬خرج منھا جيش المسلمين‬
  ‫كله سليما معافى‪ .‬بعد أن نجا بسبب من عبقرية بطل الاسلام من كارثة ماحقة ما كان لھا من زوال‪!!...‬‬
                                         ‫وفي ھذه المعركة أنعم الرسول على خالد بھذا اللقب العظيم‪..‬‬

                                               ‫**‬

   ‫وتنكث قريش عھدھا مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فيتحرك المسلمون تحت قيادته لفتح مكة‪..‬‬
                                         ‫وعلى الجناح الأيمن من الجيش‪ ،‬يجعل الرسول خالدا أميرا‪..‬‬

 ‫ويدخل خالد مكة‪ ،‬واحدا من قادة الجيش المسلم‪ ،‬والأمة المسلمة بعد أن شھدته سھولھا وجبالھا‪ .‬قائدا‬
                                                        ‫من ق ّواد جيش الوثنية والشرك زمنا طويلا‪..‬‬

          ‫وتخطر له ذكريات الطفولة‪ ،‬حيث مراتعھا الحلوة‪ ..‬وذكريات الشباب‪ ،‬حيث ملاھيه الصاخبة‪..‬‬
           ‫ثم تجيشه ذكريات الأيام الطويلة التي ضاع فيھا عمره قربانا خاسرا لأصنام عاجزة كاسدة‪..‬‬

                                ‫وقبل أن يع ّض الندم فؤاده ينتفض تحت تحت روعة المشھد وجلاله‪..‬‬
  ‫مشھد المستضعفين الذين لا تزال جسومھم تحمل آثار التعذيب والھول‪ ،‬يعودون الى البلد الذي أخرجوا‬
‫منه بغيا وعدوا‪ ،‬يعودون اليه على صھوات جسادھم الصاھلة‪ ،‬وتحت رايات الاسلام الخافقة‪ ..‬وقد تح ّول‬

       ‫ھمسھم الذي كانوا يتناجون به في دار الأرقم بالأمس‪ ،‬الى تكبيرات صادعة رائعة تر ّج مكة ر ّجا‪،‬‬
                                     ‫وتھليلات باھرة ظافرة‪ ،‬يبدو الكون معھا‪ ،‬وكأنه كله في عيد‪!!...‬‬
                                                                              ‫كيف ت ّمت المعجزة‪..‬؟‬
                                                                         ‫أي تفسير لھذا الذي حدث؟‬

  ‫لا شيء الا ھذه الآية التي يرددھا الزاحفون الظافرون وسط تھليلاتھم وتكبيراتھم حتى ينظر بعضھم‬
                                                                           ‫الى بعض فرحين قائلين‪:‬‬

                                                                  ‫)وعد ﷲ‪ ..‬لا يخلف ﷲ وعده(‪!!..‬‬

‫ويرفع خالد رأسه الى أعلى‪ .‬ويرمق في اجلال وغبطة وحبور رايات الاسلام تملأ الأفق‪ ..‬فيقول لنفسه‪:‬‬
                                                            ‫أجل انه وعد ﷲ ولا يخلف ﷲ وعده‪!!..‬‬

    ‫ثم يحني رأسه شاكرا نعمة ربه الذي ھداه للاسلام وجعله في يوم الفتح العظيم ھذا‪ ،‬واحدا من الذين‬
                        ‫يحملون راية الاسلام الى مكة‪ ..‬وليس من الذين سيحملھم الفتح على الاسلام‪..‬‬

                                               ‫**‬

   ‫ويظل خالد الى جانب رسول ﷲ‪ ،‬واضعا كفاياته المتفوقة في خدمة الدين الذي آمن به من كل يقينه‪،‬‬
                                                                                 ‫ونذر له كل حياته‪.‬‬

                                                               ‫‪142‬‬
   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147