Page 141 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 141
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
" أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بھا حتى قتل شھيدا.
ثم أخذھا جعفر فقاتل بھا ،حتى قتل شھيدا..
ثم أخذھا عبدﷲ بن رواحة فقاتل بھا حتى قتل شھيدا".
كان لحديث رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ھذا بقيّة ،ا ّدخرناھا لمكانھا على ھذه الصفحات..
ھذه البقيّة ھي:
" ثم أخذ الراية سيف من سيوف ﷲ ،ففتح ﷲ علي يديه".
فمن كان ھذا البطل..؟
لقد كان خالد بن الوليد ..الذي سارع الى غزوة مؤتة جنديا عاديا تحت قيادة القواد الثلاثة الذين جعلھم
الرسول على الجيش :زيد ،وجعفر وعبدﷲ ابن رواحة ،والذين اساشھدوا بنفس الترتيب على ارض
المعركة الضارية..
وبعد سقوط آخر القواد شھيدا ،سارع الى اللواء ثابت بن أقوم فحمله بيمينه ورفعه عاليا وسط الجيش
المسلم حتى لا بعثر الفوضى صفوفه..
ولم يكد ثابت يحمل الراية حتى توجه بھا مسرعا الى خالد بن الوليد ،قائلا له:
" خذ اللواء يا أبا سليمان"...
ولم يجد خالد من حقّه وھو حديث العھد بالاسلام أن يقود قوما فيھم الأنصار والمھاجرون الذين سبقوه
بالاسلام..
أدب وتواضع وعرفان ومزايا ھو لھا اھل وبھا جدير!!
ھنالك قال مجيبا ثابت بن أقرم:
" لا آخذ اللواء ،أنت أحق به ..لك سن وقد شھدت بدرا"..
وأجابه ثابت ":خذه ،فأنت أدرى بالقتال مني ،ووﷲ ما أخذته الا لك".
ثم نادى في المسلمين :اترضون امرة خالد..؟
قالوا :نعم..
واعتلى العبقري جواده .ودفع الراية بيمينه الى الأمام كأنما يقرع أبوابھا مغلقة آن لھا أن تفتح على
طريق طويل لاحب سيقطعه البطل وثبا..
في حياة الرسول وبعد مماته ،حتى تبلغ المقادير بعبقريته الخارقة أمرا كان مقدورا...
ولّي خالد امارة الجيش بعد أن كان مصير المعركة قد تحدد .فضحايا المسلمين كثيرون ،وجناھم
مھيض ..وجيش الروم في كثرته الساحقة كاسح ،ظافر مدمدم..
ولم يكن بوسع أية كفاية حربية أن تغير من المصير شيئا ،فتجعل المغلوب غالبا ،والغالب مغلوبا..
وكان العمل الوحيد الذي ينتظر عبقريا لكي ينجزه ،ھو وقف الخسائر في جيش الاسلام ،والخروج ببقيته
سالما ،أي الانسحاب الوقائي الذي يحول دون ھلاك بقية القوة المقاتلة على أرض المعركة.
بيد أن انسحابا كھذا كان من الاستحالة بمكان..
ولكن ،اذا كان صحيحا أنه لا مستحيل على القلب الشجاع فمن أشجع قلبا من خالد ،ومن أروع عبقرية
وأنفذ بصيرة..؟؟!
141

