Page 143 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 143
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وبعد أن يلحق الرسول بالرفيق الأعلى ،ويحمل أبو بكر مسؤولية الخلافة ،وتھ ّب أعاصير الر ّدة غادرة
ماكرة ،مطوقة الدين الجديد بزئيرھا المص ّم وانتفاضھا المدمدم ..يضع أبو بكر عينه لأول وھلة على بطل
الموقف ورجل الساعة ..ألي سليمان ،سيف ﷲ ،خالد بن الوليد!!..
وصحيح أن أبا بكر لم يبدأ معارك المرتدين الا بجيش قاده ھو بنفسه ،ولكن ذلك لا يمنع أنه ا ّدخر خالدا
ليوم الفصل ،وأن خالدا في المعركة الفاصلة التي كانت أخطر معارك الردة جميعا ،كان رجلھا الفذ
وبطلھا الملھم..
**
عندما بدأت جموع المرتدين تتھيأ لانجاز مؤامرتھا الضخمة ،صمم الخليفة العظيم أبو بكر على أن
يقود جيوش المسلمين بنفسه ،ووقف زعماء الصحابة يبذلون محاولات يائسة لصده عن ھذا العزم.
ولكنه ازداد تصميما ..ولعله أراد بھذا أن يعطي القضية التي دعا الناس لخوض الحرب من أجلھا أھميّة
وقداسة ،لا يؤكدھا في رأيه الا اشتراكه الفعلي في المعارك الضارية التي ستدور رحاھا بين قوى
الايمان ،وبين جيوش الضلال والردة ،والا قيادته المباشرة لبعض أو لكل القوات المسلمة..
ولقد كانت انتفاضات الردة بالغة الخطورة ،على الرغم من أنھا بدأت وكأنھا تم ّرد عارض..
لقد وجد فيھا جميع الموتورين من الاسلام والمتربصين به فرصتھم النادرة ،سواء بين قبائل العرب ،أم
على الحدود ،حيث يجثم سلطان الروم والفرس ،ھذا السلطان الذي بدأ يح ّس خطر الاسلام الأكبر عليه،
فراح يدفع الفتنة في طريقه من وراء ستار!!..
ونشبت نيران الفتننة في قبائل :أسد ،وغطفان ،وعبس ،وطيء ،وذبيان..
ثم في قبائل :بني غامر ،وھوزان ،وسليم ،وبني تميم..
ولم تكد المناوشات تبدأ حتى استحالت الى جيوش ج ّرارة قوامھا عشرات الألوف من المقاتلين..
واستجاب للمؤامرة الرھيبة أھل البحرين ،وعمان ،والمھرة ،وواجه الاسلام أخطر محنة ،واشتعلت
الأرض من حول المسلمين نارا ..ولكن ،كان ھناك أبو بكر!!..
عبّأ أبو بكر المسلمين وقادھم الى حيث كانت قبائل بني عبس ،وبني م ّرة ،وذبيان قد خرجوا في جيش
لجب..
ودار القتال ،وتطاول ،ثم كتب للمسلمين نصر مؤزر عظيم..
ولم يكد الجيش المنتصر يستقر بالمدينة .حتى ندبه الخليفة للمعركة التالية..
وكانت أنباء المرتدين وتج ّمعاتھم تزداد كل ساعة خطورة ..وخرج أبو بكر على رأس ھذا الجيش
الثاني ،ولكن كبار الصحابة يفرغ صبرھم ،ويجمعون على بقاء الخليفة بالمدينة ،ويعترض الامام علي
طريق أبا بكر ويأخذ بزمام راحلته التي كان يركبھا وھو ماض امام جيشه الزاحف فيقول له:
" الى أين يا خليفة رسول ﷲ..؟؟
اني أقول لك ما قاله رسول ﷲ يوم أحد:
143