Page 148 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 148
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
" قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم الا الجوع والجھد..
فان شئتم ،أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير ،وكسوة ،وطعاما ،وترجعون الى بلادكم ،وفي العام القادم
أبعث اليكم بمثلھا"!!.
وضغط خالد الرجل والبطل على أسنانه ،وأدرك ما في كلمات قائد الروم من سوء الأدب..
وقرر أن يردذ عليه بجواب مناسب ،فقال له:
" انه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ،ولكننا قوم نشرب الدماء ،وقد علمت أنه لا دم أشھى
وأطيب من دم الروم ،فجئنا لذلك"!!..
ولوة البطل زمام جواده عائدا الى صفوف جيشه .ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال..
" ﷲ أكبر"
" ھبّي رياح الجنة"..
كان جيشه يندفع كالقذيفة المصبوبة.
ودار قتال ليس لضراوته نظير..
وأقبل الروم في فيالق كالجبال..
وبجا لھم من المسلمين ما لم يكونوا يحتسبون..
ورسم المسلمون صورا تبھر الألباب من فدائيتھم وثباتھم..
فھذا أحدھم يقترب من أبي عبيدة بن الج ّراح رضي ﷲ عنه والقتال دائر ويقول:
" اني قد عزمت على الشھادة ،فھل لك من حاجة الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أبلغھا له حين
ألقاه"؟؟
فيجيب أبو عبيدة:
" نعم قل له :يا رسول ﷲ انا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا".
ويندفع الرجل كالسھم المقذوف ..يندفع وسط الھول مشتاقا الى مصرعه ومضجعه ..يضرب بسيفه،
ويضرب بآلاف السيوف حتى يرتفع شھيدا!!..
وھذا عكرمة بن أبي جھل..
أجل ابن أبي جھل..
ينادي في المسلمين حين ثقلت وطأة الروم عليھم قائلا:
" لطالما قاتلت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قبل أن يھدني ﷲ الاسلام ،افأف ّر من أعداء ﷲ اليوم"؟؟
ثم يصيح ":من يبايع على الموت"..
فيبايعه على الموت كوكبة من المسلمين ،ثم ينطلقون معا الى قلب المعركة لا باحثين عن النصر ،بل عن
الشھادة ..ويتقبّل ﷲ بيعتھم وبيعھم،
فيستشھدون!!..
وھؤلاء آخرون أصيبوا بجراح أليمة ،وجيء لھم بماء يبللون به أفواھھم ،فلما قدم الماء الى أولھم،
أشار الى الساقي أن أعط أخي الذي بجواري فجرحه أخطر ،وظمؤه أشد ..فلما ق ّدم اليه الامء ،اشار
بدوره لجاره .فلا انتقل اليه أشار بدوره لجاره..
وھكذا ،حتى ..جادت أرواح أكثرھم ظامئة ..ولكن أنضر ما تكون تفانيا وايثارا!!..
أجل..
لقد كانت معركة اليرموك مجالا لفدائية يعز نظيرھا.
148