Page 151 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 151

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                 ‫وجھده المبذول وھو أمير مطاع‪ ..‬كجھده المبذول وھو جندي مطيع‪!..‬‬
‫ولقد ھيأ له ھذا الانتصار العظيم على النفس‪ ،‬كما ھيأه لغيره‪ ،‬طراز الخلفاء الذين ك انوا عل ى راس الأم ة‬

                                                                 ‫المسلمة والدولة المسلمة يوم ذاك‪..‬‬
                                                                                    ‫أبو بكر وعمر‪..‬‬

‫اسمان لا يكاد يتح ّرك بھما لسان‪ ،‬حتى يخطر على البال كل معجز من فضائل الانسان‪ ،‬وعظمة الانسان‪..‬‬
‫وعلى الرغم من الو ّد الذي كان مفقودا أحيانا بين عمر وخالد‪ ،‬فان نزاھ ة عم ر وعدله‪،‬وورع ه وعظمت ه‬

                                                      ‫الخارقة‪ ،‬لم تكن قط موضع تساؤول لدى خالد‪..‬‬
‫ومن ثم لم تكن قراراته موضع سك‪ ،‬لأن الضمير الذي يمليھا‪ ،‬قد بلغ من ال ورع‪ ،‬وم ن الاس تقامة‪ ،‬وم ن‬

                                              ‫الاخلاص والصدق أقصى ما يبلغه ضمير منزه ورشيد‪..‬‬

                                               ‫**‬

    ‫لم يكن أمير المؤمنين عمر يأخذ على خالد من سوء‪ ،‬ولكنه كان يأخذ على سيفه التس ّرع‪ ،‬والح ّدة‪..‬‬
                      ‫ولقد عبّر عن ھذا حين اقترح على أبي بكر عزله اثر مقتل مالك بن نويرة‪ ،‬فقال‪:‬‬
                                                                         ‫" ان في سيف خالد رھقا"‬
                                                                            ‫أي خفة وح ّدة وتس ّرع‪..‬‬
                                                                              ‫فأجابه الص ّديق قائلا‪:‬‬
                                                      ‫" ما كنت لأشيم سيف سلّه ﷲ على الكافرين"‪.‬‬

      ‫لم يقل عمر ان في خالد رھقا‪ ..‬بل جعل الرھق لسيفه لا لشخصه‪ ،‬وھي كلمات لا تن ّم عن أدب أمير‬
                                                      ‫المؤمنين فحسب‪ ،‬بل وعن تقديره لخالد أيضا‪..‬‬
                                                              ‫وخالد رجل حرب من المھد الى اللحد‪..‬‬

      ‫فبيئته‪ ،‬ونشأته‪ ،‬وتربيته وحياه كلھا‪ ،‬قبل الاسلام وبعده كانت كلھا وعاء لفارس‪ ،‬مخاطر‪ ،‬داھية‪..‬‬

 ‫ثم ان الحاح ماضيه قبل السلام‪ ،‬والحروب التي خاضھا ضد الرسول وأصحابه‪ ،‬والضربات التي أسقط‬
  ‫بھا سيفه أيام الشرك رؤوسا مؤمنة‪ ،‬وجباھا عابدة‪ ،‬كل ھذا كان له على ضميره ثقل مبھظ‪ ،‬جعل سيفه‬

                            ‫ت ّواقا الى أن يط ّوح من دعامات الشرك أضعاف ما ط ّوح من حملة الاسلام‪..‬‬
 ‫وانكم لتذكرون العبارة التي أوردناھا أ ّول ھذا الحديث والتي جاءت في سياق حديثه مع رسول ﷲ صلى‬

                                                                           ‫ﷲ عليه وسلم اذ قال له‪:‬‬
                                                                                   ‫" يا رسول ﷲ‪..‬‬

                                               ‫استغفر لي كل ما أوضعت فيه عن ص ّد عن سبيل ﷲ"‪.‬‬
‫وعلى الرغم من انباء الرسول صلى ﷲ عليه وسلم اياه‪ ،‬بأن الاسلام يج ّب ما كان قبله‪ ،‬فانه يظل يتوسل‬

          ‫على الظفر بعھد من الرسول صلى ﷲ عليه وسلم أن يستغفر ﷲ له فيما صنعت من قبل يداه‪..‬‬
     ‫والسيف حين يكون في يد فارس خارق كخالد بن الوليد‪ ،‬ثم يح ّرك اليد القابضة عليه ضمير منوھج‬
‫بحرارة التطھر والتعويض‪ ،‬ومفعم بولاء مطلق لدين تحيط به المؤمرات والعداوات‪ ،‬فان من الصعب على‬

                                         ‫ھذا السيف أن يتخلى عن مبادئه الصارمة‪ ،‬وح ّدته الخاطفة‪..‬‬

                                                               ‫‪151‬‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156