Page 152 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 152
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وھكذا رأينا سيف خالد يسبب لصاحبه المتاعب.
فحين أرسله النبي عليه الصلاة والسلام بعد الفتح الى بعض قبائل العرب القريبة من مكة ،وقال له:
" اني أبعثك داعيا لا مقاتلا".
غلبه سيفه على أمره ودفعه الى دور المقاتل ..متخليا عن دور الداعي الذي أوصاه به الرسول مما جعله
عليه السلام ينتفض جزعا وألما حين بلفه صنيع خالد ..وقام مستقبلا القبلة ،رافعا يديه ،ومعتذرا الى
ﷲ بقوله:
" اللھم اني أبرأ اليك مما صنع خالد".
ثم أرسل عليّا فودى لھم دماءھم وأموالھم.
وقيل ان خالدا اعتذر عن نفسه بأن عبدﷲ بن حذافة السھمي قال له:
ان رسول ﷲ قد أمرك بقتالھم لامتناعھم عن الاسلام..
كان خالد يحمل طاقة غير عادية ..وكان يستبد به توق عارم الى ھدم عالمه القديم كله..
ولو أننا نبصره وھو يھدم صنم الع ّزى الذي أرسله النبي لھدمه.
لو أننا نبصره وھو يدمدم بمعوله على ھذه البناية الحجرية ،لأبصرنا رجلا يبدو كأنه يقاتل جيشا بأسره،
يط ّوح رؤوس أفرداه ويتبر بالمنايا صفوفه.
فھو يضرب بيمينه ،وبشماله ،وبقدمه ،ويصيح في الشظايا المتناثرة ،والتراب المتساقط:
" يا ع ّزى كفرانك ،لا سبحانك
اني رأيت ﷲ قد أھانك"!!..
ثم يحرقھا ويشعل النيران في ترابھا!..
كانت كل مظاھر الشرك وبقاياه في نظر خالد كالع ّزى لا مكان لھا في العالم الجديد الذي وقف خالد تحت
أعلامه..
ولا يعرف خالد أداة لتصفيتھا الا سيفه..
والا "..كفرانك لا سبحانك..
اني رأيت ﷲ قد أھانك"!!..
على أننا اذ نتمنى مع أمير المؤمنين عمر ،لوخلا سيف خالد من ھذا الرھق ،فاننا سنظل نردد مع أمير
المؤمنين قوله:
" عجزت النساء أن يلدن مثل خالد"!!..
لقد بكاه عمر يوم مات بكاء كثيرا ،وعلم الانس فيما بعد أنه لم يكن يبكي فقده وحسب ،بل ويبكي فرصة
أضاعھا الموت عن عمر اذ كان يعتزم رد الامارة الى خالد بعد أن زال افتتان الناس به .ومحصت أسباب
عزله ،لولا أن تداركه الموت وسارع خالد الى لقاء ربه.
نعم سارع البطل العظيم الى مثواه في الجنة..
أما آن له أن يستريح..؟؟ ھو الذي لم تشھد الأرض عد ّوا للراحة مثله..؟؟
أما آن لجسده المجھد أن ينام قليلا..؟؟ ھو الذي كان يصفه أصحابه وأعداؤه بأنه:
" الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام"..؟؟
أما ھو ،فلو خيّر لاختار أن يم ّد ﷲ له في عمره مزيدا من الوقت يواصل فيه ھدم البقايا المتعفنة القديمة،
ويتابع عمله وجھاده في سبيل ﷲ والاسلام..
152