Page 153 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 153

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

 ‫ان روح ھذا الرجل وريحانه ليوجدان دائما وابدا‪ ،‬حيث تصھل الخيل‪ ،‬وتلتمع الأسنّة‪ ،‬وتخفق رايات‬
                                                                 ‫التوحيد فوق الجيوش المسلمة‪..‬‬
                                                                                    ‫وأنه ليقول‪:‬‬

‫" ما ليلة يھدى ال ّي فيھا عروس‪ ،‬أو أب ّشر فيھا بوليد‪ ،‬بأح ّب ال ّي من ليلة شديدة الجليد‪ ،‬في سريّة من‬
                                                            ‫المھاجرين‪ ،‬أصبح بھم المشركين"‪..‬‬

 ‫من أجل ذلك‪ ،‬كانت مأساة حياته أن يموت في فراشه‪ ،‬وھو الذي قضى حياته كلھا فوق ظھر جواده‪،‬‬
                                                                            ‫وتحت بريق سيفه‪...‬‬

    ‫ھو الذي غزا مع الرسول صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وقھر أصحاب الر ّدة‪ ،‬وس ّوى بالتراب عرش فارس‬
‫والروم‪ ،‬وقطع الأرض وثبا‪ ،‬في العراق خطوة خطوة‪ ،‬حتى فتحھا للاسلام‪ ،‬وفي بلاد الشام خطوة خطوة‬

                                                                         ‫حتى فتحھا كلھا للاسلام‪...‬‬
                          ‫أميرا يحملشظف الجندي وتواضعه‪ ..‬وجنديا يحمل مسؤولية الأمير وقدوته‪..‬‬

                                              ‫كانت مأساة حياة البطل أن يموت البطل على فراشه‪!!..‬‬
                                                                ‫ھنالك قال ودموعه تنثال من عينيه‪:‬‬

‫" لقد شھدت كذا‪ ،‬وكذا زحفا‪ ،‬وما في جسدي موضع الا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح‪ ،‬أ‪ ،‬رمية سھم‪..‬‬
                   ‫ثم ھأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير‪ ،‬فلا نامت أعين الجبناء"‪!..‬‬

   ‫كلمات لا يجيد النطق بھا في مثل ھذا الموطن‪ ،‬الا مثل ھذا الرجل‪ ،‬وحين كان يستقبل لحظات الرحيل‪،‬‬
                                                                               ‫شرع يملي وصيّته‪..‬‬

                                                                          ‫أتجرون الى من أوصى‪..‬؟‬
                                                                       ‫الى عمر بن الخطاب ذاته‪!!..‬‬

                                                                                ‫أتدرون ما تركته‪..‬؟‬
                                                                                 ‫فرسه وسلاحه‪!!..‬‬

                                                                                         ‫ثم ماذا؟؟‬
                                                        ‫لا شيء قط ‪ ،‬مما يقتني الناس ويمتلكون‪!!..‬‬
           ‫ذلك أنه لم يكن يستحزذ عليه وھو ح ّي‪ ،‬سوى اقتناء النصر وامتلاك الظفر على أعداء الحق‪.‬‬
                                             ‫وما كان في متاع الدنيا جميعه ما يستحوذ على حرصه‪..‬‬
                              ‫شيء واحد‪ ،‬كان يحرص عليه في شغف واستماتة‪ ..‬تلك ھي قلنسوته"‪..‬‬
              ‫سقطت منه يوم اليرموك‪ .‬فأضنى نفسه والناس في البحث عنھا‪ ..‬فلما عوتب في ذلك قال‪:‬‬
                            ‫" ان فيھا بعضا من شعر ناصية رسول ﷲ واني أتافاءل بھا‪ ،‬وأستنصر"‪.‬‬

‫**‬

‫وأخيرا‪ ،‬خرج جثمان البطل من داره محمولا على أعناق أصحابه ورمقته أم البطل الراحل بعينين اختلط‬

     ‫فيھما بريق العزم بغاشية الحزن فقالت تو ّدعه‪:‬‬

‫م اذا ما كبت وجوه الرجال‬  ‫أنت خير من ألف ألف من القو‬

‫ث غضنفر يذود عن أشبال‬     ‫أشجاع‪..‬؟ فأنت أشجع من لي‬

‫‪153‬‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158